أفق نيوز
الخبر بلا حدود

أموالُ الشعب اليمني المنهوبة

69

أفق نيوز|

جميل المقرمي

في واحدة من أكبر قضايا الفساد والنهب في تاريخ اليمن، تؤكّـدُ تقاريرُ الأمم المتحدة الرسمية أن الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، الملقَّب بـ”عفاش”، جمع ثروةً هائلةً تجاوزت ستين مليار دولار خلال سنوات حكمه، بينما كان الشعب اليمني يعيشُ أسوأَ أزماته المعيشية في فقر مدقع وانهيار اقتصادي.

هذه الأرقام ليست اتّهاماتٍ سياسية، بل وردت في وثائقَ رسمية أممية أبدت فيها المنظمةُ الدولية استغرابَها من وصول حاكم بلد فقير إلى ثراءِ بهذا الحجم، وهو ما يوازي -بحسب خبراء اقتصاديين- الناتِجَ المحلي الإجمالي لليمن لعقود.

من الأمل إلى الصدمة:

عقب رفع الحظر عن هذه الأموال، تفاءل كثير من اليمنيين بأن ملياراتهم المنهوبة ستعود أخيرًا إلى الخزينة العامة لدعم الخدمات، ودفع رواتب الموظفين، وتحسين أوضاع الفقراء والمرضى.

لكن الصدمة كانت قاسية حين تبيّن أن هذه الأموال أُعيدت إلى نجل صالح، أحمد علي عبد الله صالح وإخوانه، وكأنها إرث عائلي لا حقّ للشعب فيه، بينما بقيت معاناة المواطنين على حالها، دون أن يصلهم منها حتى دولارٌ واحد.

أموالٌ لتمويل مؤامرات جديدة:

كشفت مصادر مطّلعة أن هذه المليارات لن تبقى مجمّدةً في الحسابات، بل تُستخدم حَـاليًّا في تمويل تحَرّكات سياسية وإعلامية تستهدفُ الموقفَ اليمني المساند لغزة، وتسعى لضرب الوَحدة الداخلية، بدعم مباشر من أطراف إقليمية ودولية، على رأسها الإمارات، حليف الكيان الصهيوني.

المخطّط -بحسب تسريبات- يشملُ استغلالَ الظروف الاقتصادية القاسية التي يواجهُها اليمنيون، لتحريكِ فئاتٍ بسيطة أَو مضلِّلة تحت شعارات حزبية ووطنية، بينما الهدف الحقيقي هو تنفيذ أجندة “الشرق الأوسط الجديد” وتطويع الموقف اليمني في البحر والبر لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

الخونة وعودةُ التحالفات المتناقضة:

المؤشرات الميدانية تؤكّـد أن الخائنَ لشعبه ووطنه عميلَ التحالف العدواني الإسرائيلي الإماراتي أحمد عفاش يقودُ أنشطةً منظَّمةً، تبدأُ من إحياء ذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام وكأنه إرثٌ خاصٌّ، إلى تنظيم فعاليات وحشود تُموَّل بسخاء، يتم خلالها جمعُ خصوم الأمس من مرتزِقة الفصائل المتحاربة في الخارج، وإرغامهم على الظهور بموقف موحّد رغم ثاراتهم القديمة من مجازر جمعة الكرامة وجامع النهدين وغيرها.

ولعل مشاهد البذخ التي رافقت زفاف نجل أحمد عفاش في القاهرة، وما صاحبها من إنفاق فلكي على تذاكر السفر والفنادق والاحتفالات، كانت مثالًا صارخًا على الفجوة بين حياة هذه الطبقة المترفة وحال ملايين اليمنيين الذين يتجرعون المعاناة يوميًّا.

موقف اليمن شوكة في حلق الاحتلال:

الموقف اليمني الصُّلْبُ في دعم غزة ومقاومة الاحتلال في البحر الأحمر شكّل إرباكًا كَبيرًا للكيان الصهيوني، الذي فشل -رغم القصف والحصار- في إضعاف قدرات اليمن العسكرية أَو كسر إرادته.

ولهذا، يرى مراقبون أن تحريكَ ورقة أحمد عفاش هو محاولة بديلة لضرب الموقف من الداخل، بعد فشل الخيارات العسكرية.

دعوة مفتوحة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي:

اليمنيون، من مختلف الأطياف، يطالبون اليومَ الأممَ المتحدة والمجتمع الدولي -إن بقي فيه أحرار- بالتحَرّك الجادِّ لاسترداد هذه الأموال المنهوبة وإعادتها للشعب صاحب الحق، بدلًا عن أن تتحوَّلَ إلى أدَاة تمويل لمؤامرات تستهدف أمنه واستقراره.

اليقظة الشعبيّة واجبُ الساعة:

القضية لم تعد مُجَـرّدَ خلاف سياسي أَو صراع نفوذ، بل مسألة أمن وطني واستقلال وسيادة. لذلك، يدعو المراقبون الشعبَ اليمنيَّ إلى البقاء في أعلى درجات اليقظة والاستعداد لمواجهة أي تحَرّك مشبوه يستهدفُ موقفَه مع فلسطينَ ومستقبل أبنائه، وإفشال كُـلّ مخطَّط يستندُ إلى أموال منهوبة كان ينبغي أن تكونَ حقًّا عامًّا لا ملكية خَاصَّة.