أفق نيوز
الخبر بلا حدود

حُكَّامُ السُّعُوديَّةِ والإماراتِ والأردنِ يواصُلونَ فتحَ الجِسرِ البريِّ للعدوِّ الإسرائيليِّ، ويمنعُون وصولَ الرَّغيفِ والماءِ والدَّواءِ إلى قطاعِ غزَّةَ !!! .

47

أفق نيوز|

أ.د عبدالعزيز بن حبتور

لو قُرِئَ هذا العُنوانُ أعلاهُ على شخصٍ مُصابٍ بعاهةِ الهبلِ، أو أنَّهُ مُصابٌ بنقصٍ بالنُّموِّ العقليِّ والذِّهنيِّ لآفاقَ من هَوْلِ الصَّدمةِ من مُحتوى العنوانِ أعلاهُ ! ! ! .

وببساطةٍ شديدةٍ فإنَّ العنوانَ أعلاهُ يحكي القصَّةَ السَّهلةَ والسَّرديَّةَ الحزينةَ التي لو رُويَتْ لآخرينَ في زمانٍ غيرِ زمانِنا، ولأممٍ لا تشبهُنا، وبلغةٍ غيرِ لُغتِنا، ستُحدِثُ صدمةً مُروِّعةً لروايةٍ من أعظمِ الرِّواياتِ التراجيديَّةِ في الحياةِ، وستُعتَبرُ بمثابةِ أكبرِ فضيحةٍ أخلاقيَّةٍ وإنسانيَّةٍ مرويَّةٍ تحدثُ في التاريخِ البشريِّ برُمَّتِهِ، والتي سنقومُ بسردِها وروايتِها في السُّطُورِ الآتيةِ:

حُكَّامُ وسُلطاتُ السُّعُوديَّةُ والإماراتِ والأردنِ، هم عربٌ أقحاحٌ كما يدَّعُونَ، ومُسلِمُونَ ومن طائفةِ السُّنةِ الكريمةِ كما يروِّجُونَ من على منابرِهم، ومن قنواتِهم ووسائلِ إعلامِهم ليلَ نهارَ، معذرةً للقراءِ الكرامِ لترديدي مُسمَّى طائفةِ السُّنةِ، لسببٍ بسيطٍ سأتناولُهُ في متنِ المقالة؛ للتدليلِ على ديماغوجيَّةِ فكرِ الإسلامِ السِّياسيِّ وإدِّعاءاتِهِ، وسببُ إيرادِنا هذهِ التَّعابيرِ والمُصطلحاتِ وجيهٌ، هو لأنَّ جهابذةَ فُقهاءِ ووعَّاظِ هذا المذهبِ في البلدانِ أعلاهُ، وهُمُ العامِلونَ الجيِّدُونَ المُوظَّفونَ لدى دوائرِ الـ CIA، ومعظمِ دوائرِ الاستخباراتِ في العواصمِ الأورُوبيَّةِ الغربيَّةِ؟ ويخدمُونَ جميعاً المُخابراتِ الصُّهيونيَّةَ المُوسادَ، جميعُهم يُجيِّشونَ المنابرَ، وكُلَّ وسائلِ الإعلامِ لديهم، يُردِّدونَ ليلَ نهارَ بأنَّهُم سيخدمُونَ، وسيناصرُونَ، وسينتصرُونَ بالتَّحديدِ لجميعِ المظلومينَ والمُضطَّهدينَ من طائفةِ السُّنةِ الكريمةِ من حولِ العالمِ.

نعم كان هؤلاءِ القادةُ العربُ، أوِ العُربانُ السُّنةُ الخلايجةُ يناصرُونَ، ويُمولُونَ بالمالِ والسَّلاحِ، وحتى الأفرادِ لحركةِ المُجاهدينَ الأفغانيَّةِ في نهايةِ سبعينيَّاتِ القرنِ العشرينَ، وكذلكَ يدعمُونَ الجمعيةَ الإسلاميةَ الأفغانيةَ، والحزبَ الإسلاميَّ الأفغانيَّ، وحركةَ الثورةِ الإسلاميةِ الأفغانيةِ، ومجمُوعاتٍ من قبائلِ الهزارةِ، وبعدَهم جاءَ سيلُ حركةِ طالبانَ الأفغانيةِ، وتنظيمِ القاعدةِ بقيادةِ الشَّيخِ / أسامةَ بن لادن في أفغانستانَ؛ لمُحاربةِ الجيشِ الأحمرِ السُّوفيتيِّ الشيوعيِّ.. هذا التجييشُ جاءَ بنداءٍ، أو رُبَّما بأمرٍ باتٍّ من قبلِ الرَّئيسِ الأمريكيِّ / جيمي كارتر يومَذاكَ، ويناصِرُونَ المُقاتلينَ المُتمرِّدينَ الشيشانَ منَ المُسلمينَ السُّنةِ من جماعةِ / جوهر دوداييف، وأصلان مسخادوف، وشامل باساييف؛ لأنَّهم يُقاتلونَ ضدَّ الحُكومةِ الروسيةِ الشيوعيةِ في مُوسكو.

كما كانوا يُناصرُونَ حركاتِ التَّمرُّدِ الصينيةَ منَ المُسلمينَ الصينيينَ الإيجورِ السُّنيةَ ضدَّ الحُكومةِ الصينيةِ في بكينَ، وناصرُوا حركاتِ التمرِّدِ والمُقاومةِ الإسلاميَّةِ في القارةِ الأوروبيةِ، وتحديداً في منطقةِ البلقانِ المدعُومةِ من قبلِ أميركا USA، وحلفِ شمالِ الأطلسيِّ الناتو ضدَّ الحُكومةِ المركزيَّةِ في جمهوريةِ يوغسلافيا الاشتراكيةِ ذاتِ الميولِ السُّلافيةِ المركزيَّةِ اليساريةِ، نعم ناصرُوهم بالمالِ والسِّلاحِ والمُقاتلينَ حتَّى تمَّ تمزيقُ الدولةِ اليوغسلافيةِ، وأصبحتْ بمُوجبِ الدَّعمِ العربيِّ السُّنيِّ أكثرَ من دولةٍ وقُطرٍ.

ومازلنا نتذكَّرُ في مطلعِ تسعينيَّاتِ القرنِ العشرينَ جماعةَ أبي سيَّافٍ الفلبينيِّ الجهاديِّ الإسلاميِّ السُّنيِّ المتخرِّيج من جامعةِ أمِّ القُرى السُّعوديةِ والذي حملَ رايةَ الجهادِ لقيامِ دولةٍ إسلاميةٍ سُنيةٍ في الفلبينِ، وقد تمَّ دعمُهُ مالياً وعسكرياً وحتَّى بالمُجاهدينَ العربِ من قبلِ المملكةِ السُّعوديةِ، وبقيَّةِ الحُكَّامِ الخلايجةِ في المنطقةِ، ودعمُهم لها من مُنطلقٍ إسلاميٍّ سُنيٍّ بحتٍ كما يُروِّجونَ، كما يتذكَّرُ الرأيُ العامُّ العربيُّ مُصطلحَ العشريَّةِ السُّوداءِ في جُمهوريةِ الجزائرِ الدِّيمقراطيةِ الشَّعبيةِ، كيفَ دعمَ الخلايجةُ المُقاتلينَ الإرهابيينَ الجزائريينَ؛ ممَّا دفعَ الشَّعبَ الجزائريَّ الشَّقيقَ ثمناً باهظاً من خيرةِ أبنائِهِ، ومُواطنيهِ وخيراتِهِ، كُلُّ ذلكَ؛ لأنَّ السَّلفَ الصَّالحَ منَ الخلايجةِ تظاهرُوا بدعمِ دولةٍ إسلاميةٍ جزائريةٍ سُنيَّةٍ.

كلُّ ذلكَ التاريخِ العسكريِّ الأمنيِّ الدَّعويِّ العاصِفِ من قارَّةِ آسيا إلى قارةِ أورُوبا، وحتَّى القارةِ الأفريقيةِ، قد رفعَ الحُكَّامُ السُّعُوديونَ والخلايجةُ رايةَ دعمِ الإسلامِ السُّنيِّ في العالمِ، ناهيكُمْ عن بناءِ المساجدِ، والجوامعِ ،والمدارسِ الجهاديةِ في العالمِ؛ لنُصرةِ الإسلامِ، والمُسلمينَ السُّنةِ على وجهِ الخصُوصِ.. هذهِ الرؤيةُ – الَّتي عملوا عليها، وأسَّسُوا تلكَ الجماعاتِ الجهاديةَ الإرهابيةَ المُقاتلةَ بالعديدِ من مُسمَّياتِها وفرُوعِها – تمَّ التأسيسُ لكُلِّ تلكَ التشكيلاتِ القتاليةِ من دوائرِهمُ الاستخباريةِ وبإشرافٍ تنفيذيٍّ من حركةِ الإخوانِ المُسلمينَ في العالمِ.

وحينما قامتْ حركةُ المُقاومةِ الإسلاميَّةِ والوطنيةِ الفلسطينيَّةِ ، من حماسٍ والجِهادِ، وكتائبِ شُهداءِ الأقصى، كتائبِ الشَّهيدِ أبو علي مُصطفى، كتائبِ المُقاومةِ الفلسطينيَّةِ ، كتائبِ ألويةِ الناصرِ صلاحِ الدِّين ، كتائبِ الأنصارِ، وبقيَّةِ المُقاومينَ الفلسطينيينَ، وهُم بالمُناسبةِ جميعُهُم عربٌ مُسلمُونَ سُنَّةٌ أقحاحٌ 100%، قاموا بعملٍ فِدائيٍّ مُقاومٍ بُطُوليٍّ في تاريخِ 7 / أكتوبر / 2023 م، واخترقُوا السِّياجَ الفاصِلَ بينَ قطاعِ غزَّةَ، والأراضي الفلسطينيَّةِ المُحتلةِ(سياجَ وغلافَ غزةَ، كما بُسميها الصَّهاينةُ في وسائلِ إعلامِهم)، وأسمَوْها طُوفانَ الأقصى المُباركَ، وكسرُوا، وهشَّمُوا سُمعةَ الجيشِ الإسرائيليِّ الذي يُقالُ عنه الجيشُ الذي لا يُقهرُ، ومزَّقُوا وحداتِهِ الأمنيَّةَ والاستخباريَّةَ، وجعلوها أضحُوكةَ العالمِ، ومصدرَ تندُّرٍ عليهِ.

ومن تلكَ اللحظةِ المُباركةِ ، هبَّتْ حركةُ المُقاومةِ العربيَّةِ الإسلاميَّةِ في كُلٍّ منَ الجمهوريةِ اليمنيَّةِ منَ العاصمةِ صنعاءَ، ومن لبنانَ المُقاومِ، ومنَ العراقِ المُقاومِ، ومن جُمهوريةِ إيرانَ الإسلاميَّةِ بقيادةٍ روحيةٍ وسياسيةٍ، وعسكريةٍ مُوحَّدةٍ، وبحاضنةٍ شعبيَّةٍ جماهيريَّةٍ مُقاومةٍ، هبَّتْ جميعُها لنُصرةِ المُقاومينَ الفلسطينيينَ إن كانُوا إسلاميينَ، أم علمانيينَ، أم كانُوا وطنيينَ قوميينَ، وبدونِ تمييزٍ؛ باعتبارِهم مُقاومينَ فلسطينيينَ أحراراً فحسبُ.

لكنْ، وفي هذهِ اللحظاتِ التاريخيةِ المُباركةِ من تاريخِ أمتِنا العربيَّةِ والإسلاميَّةِ ، استشاطَ النظامُ العربيُّ الرسميُّ منَ المُحيطِ إلى الخليجِ غضباً وتنديداً، واستنكاراً بما قامتْ بهِ المُقاومةُ الفلسطينيةُ السُّنيةُ، واعتبروهُ جريمةً في حقِّ كيانِ إسرائيلَ الصُّهيونيِّ.

كيفَ يمكنُ للرأيِ العامِّ العربيِّ والإسلاميِّ أن يُفسِّرَ موقفَ حُكوماتِهم، وحُكَّامِهم، ومُفكِّريهم، ومُثقَّفيهم، وفُقهائِهم، ومُنظِّريهم؟ .

كيفَ ستغفرُ الشُّعوبُ العربيَّةُ والإسلاميَّةُ لهؤلاءِ النُّخبِ الثقافيةِ والسياسيةِ، والفكريةِ في بلدانِهم من جاكرتا شرقاً، وحتَّى كازابلانكا غرباً؟

كيفَ سيغفرُ الشَّعبُ الحجازيُّ والنجديُّ لحُكومتِهمُ السُّعوديةِ العميلةِ للأمريكانِ قيامَهم بعُدوانٍ عسكريٍّ وحشيٍّ على الشَّعبِ اليمنيِّ الجارِ الشَّقيقِ لهُم بتشكيلِ تحالُفٍ مُعادٍ للعاصمةِ صنعاءَ، مُكوَّنٍ من مشيخةِ الإماراتِ العربيَّةِ المُتحدةِ ودولٍ خليجيةٍ مُضافةٍ فائضةِ المالِ والثروةِ والبذخِ، قامُوا بحربِهمُ القذرةِ على الشَّعبِ اليمنيِّ لمُدَّةٍ تتجاوزُ عشرةَ أعوامٍ التي ماتزالُ حتَّى اللحظةِ ، ولم يُقدِّموا للفلسطينيينَ المُحاصرينَ الجوعى العطشى، والمرضى ما يلزمُ لإنقاذِ حياةِ الفلسطينيينَ المُسلمينَ السُّنةِ برغمِ كلِّ مُناشداتِ، ومُناداةِ الأحرارِ من جميعِ أرجاءِ العالمِ، كيفَ كيفَ كيفَ؟.

لكنَّها يا للحسرةِ والوجعِ الإنسانيِّ فإنَّ ما يحدثُ أمامَ الرَّأيِ العامِّ الإسلاميِّ والعالميِّ هو الحقيقةُ المُرَّةُ، والفضيحةُ البشعةُ التي يسطرُ فصولَها الحُكَّامُ، والمُلُوكُ والأمراءُ العربُ المُسلِمُونَ من طائفةِ السُّنةِ المُباركةِ.. لكنَّ السُّؤالَ المُتراكمَ كيفَ يحدثُ ذلكَ أمامَ مرأى ومسمعِ الطبقةِ الحاكمةِ في الممالكِ الصَّحراويةِ للسُّعوديِّ والإماراتيِّ والأردنيّ، وجميعُها عربيةٌ مُسلمةٌ سُنيَّةٌ بالشَّكلِ والإعلانِ اللفظيِّ؟؟؟

نكتبُ مقالَتَنا هذه في يومِ السَّبت وبتاريخِ 9 / أغسطس / 2025م، وأهلُنا الفلسطينيونَ في قطاعِ غزَّةَ يموتُونَ بالآلافِ أسبوعياً جرَّاءَ رصاصِ المُجرمينَ الإسرائيليينَ القَتَلَةِ، وجرٍّاءَ حصارِهم، ومنعِ الغذاءِ، والماءِ؟ والدَّواءِ عليهم في ذاتِ اللحظةِ، ونحنُ مازلنا نسطرُ أسطرَ مقالتِنا هذهِ، تنقلُ الشاحناتُ والقاطراتُ الحديثةُ التابعةُ لمشيخةِ الإماراتِ العربيةِ، والمملكةِ السُّعوديةِ؟ والمملكةِ الأردنيةِ الهاشميةِ، تنقلُ جميعَ احتياجاتِ الجُنودِ الإسرائيليينَ منَ الموادِّ الغذائيةِ الطازجةِ، والمياهِ العذبةِ والآيسكريمِ المُثلجِ، تنقلُ لهُم على مدارِ السَّاعةِ إلى الأراضي الفلسطينيةِ المُحتلَّةِ؛ كي ينعمَ المُستوطنُ الإسرائيليُّ، وجُنودُهُمُ القَتَلَةُ بحياةٍ طبيعيةٍ مُرفَّهةٍ رغدةٍ، بينما يُحرَمُ أهلُنا بغزَّةَ من طحينِ الرَّغيفِ، وشربةٍ نظيفةٍ، وحبةِ دواءٍ مُنقذةٍ لحياةِ الجائعينَ والمرضى، هكذا هي رغبةُ، ونفسيَّةُ، وأخلاقُ وثقافةُ الحاكمِ العربيِّ الخليجيِّ المُسلمِ السُّنيِّ، قبَّحَهمُ اللهُ وأخزاهم في الدُّنيا والآخرةِ ! ! ! .

ما يحدثُ من حصارٍ، وقتلٍ ،وتجويعٍ وبالآلافِ منَ الأطفالِ، والنِّساءِ لأهلِنا الفلسطينيينَ في قطاعِ غزَّةَ، هو وصمةُ عارٍ على جبينِ الإنسانيَّةِ جمعاءَ، ولكنَّهُ أكثرُ فضاعةً وسُقُوطاً أخلاقياً، وفضيحةٌ مُدوِّيةٌ للدُّولِ الغربيةِ الأطلسيةِ تحديداً الَّتي تشدَّقتْ طيلةَ ماضيها بأنَّهُم مَن صنعُوا، وثبَّتُوا المبادئَ، والقيمَ والأخلاقَ الإنسانيَّةَ للمُجتمعِ البشريِّ، ويناضِلونَ؛ من أجلِ تثبيتِ حقوقِ الإنسانِ، وحقوقِ الطفلِ ، وحقوقِ المرأةِ، يُردِّدونَ أقوالَهُم في وسائلِ إعلامِهم، وعلى الأقلِّ بعدَ الحربِ العالميةِ الثانيةِ، لكنَّهم لم يفعلوا شيئاً تُجاهَ ما تقترفُهُ الأيادي الآثمةُ المُجرمةُ للعصاباتِ النازيةِ الصُّهيونيةِ الإسرائيليةِ في حقِّ الشَّعبِ الفلسطينيِّ الأعزلِ المظلومِ.

“وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيْمٌ”