منذ نشأته، يسعى الكيان الصهيوني بوضوح إلى تحقيق أهدافه التوسعية، مستغلًا الانقسامات السياسية والوهن الجماعي في الموقف العربي. فسياسات الاحتلال الإسرائيلي، الهادفة إلى توسيع نفوذه على حساب الأراضي الفلسطينية والعربية، تتعدى على حقوق شعوب المنطقة.

إن تجاهل القضية الفلسطينية، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي دون محاسبة، يمثلان تحديًا حقيقيًّا للأمن القومي العربي.

ورغم الهتافات المندّدة من قبل المحتجين المطالبين بدعم القضية الفلسطينية، لا تزال القيادة العربية تتردّد في اتِّخاذ الخطوات اللازمة التي تتجاوز التصريحات الدبلوماسية الفارغة. إن صمت الدول العربية يشجع (إسرائيل) على الاستمرار في سياساتها الاستيطانية؛ مِمَّـا يزيد من حدة تعدياتها ليس على حقوق الشعب الفلسطيني فحسب، بل على حقوق الأُمَّــة العربية برمتها.

فبينما يجاهر رئيس وزراء الكيان الصهيوني بأهدافه الرامية إلى إقامة “إسرائيل الكبرى”، تتجه بوصلة التعاون السياسي والاقتصادي لبعض الدول العربية والإسلامية نحو هذا الكيان بطريقة تثير الكثير من التساؤلات. فالكيان يسعى إلى توسيع نفوذه الإقليمي والسيطرة الجغرافية بشكل يتعارض مع الحقوق السيادية والتاريخية للدول المجاورة.

وعلى الرغم من هذه الطموحات الواضحة والمعروفة جيِّدًا، نجد في العالم العربي والإسلامي من يستمرون في تعزيز العلاقات مع الكيان الصهيوني، بل يبرمون الصفقات ويسهمون في كسر الطوق البحري الذي فرضته اليمن عبر إرسال السفن والبضائع.

إن الرؤية المغلوطة التي تتبناها بعض الدول العربية تجاه حركات المقاومة أثرت بشكل ملموس على الواقع السياسي في المنطقة. فبدلًا من دعم هذه الحركات التي تضحي بالغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن الأُمَّــة، كونها تمثل خط الدفاع الأول لها، نجد بعض الأطراف العربية تعمل على نزع سلاحها، الذي يُعد الدرع الواقي للأُمَّـة من خطر الكيان الصهيوني الذي لا يتوانى عن استخدام كافة الأساليب لتحقيق مآربه.

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: لماذا هذا الإصرار لدى بعض الأنظمة العربية على نزع سلاح المقاومة؟ يمكن القول إن هذا التوجّـه لا يخدم إلا مصلحة الكيان الصهيوني الذي يراهن على تفكيك البنية النضالية الفلسطينية واللبنانية، ويعمل جاهدًا لإضعاف الروح المعنوية والقوة العسكرية لدى هذه الحركات. لا شك أن هذا التوجّـه يساهم في تحقيق أهداف (إسرائيل) بعيدة المدى، ويعرض الأمن القومي العربي لمزيد من المخاطر.

إن المسؤولية التاريخية والأخلاقية تقتضي من الدول العربية والإسلامية دعم حركات المقاومة بكل السبل الممكنة، واعتبارها حصنًا منيعًا في وجه المخطّطات الاستعمارية. فالوقوف مع المقاومة هو في حقيقته وقوف مع الحق والعدل، ومساندة للشعوب في دفاعها عن كرامتها وسيادتها ضد الاحتلال والهيمنة الصهيونية.

وعليه، فَــإنَّ التوحد والالتفاف حول محور المقاومة قد يكون المفتاح لاستعادة الحقوق ومواجهة التحديات التي تعصف بالأمة بأسرها.