أفق نيوز
الخبر بلا حدود

أحفاد الأنصار تجدد عهود نصرة فلسطين حتى انتصارها والتصعيد على الكيان حتى زواله

26

أفق نيوز|

لم تكن صنعاء وحدها مسرحًا للبهجة النورانية، ولا كانت ساحتها المركزية وحدها شاهدة على الحشود المليونية؛ بل اليمن بأكمله، من أقصاه إلى أقصاه، تحوّل إلى عرس إيماني عظيم. في كل محافظة من محافظاته الحرة، ارتفعت الساحات بالهتاف، وازدانت الشوارع باللون الأخضر، وتدفق الرجال والنساء والأطفال صوب ميادين الفعاليات المركزية، حاملين في قلوبهم شوقًا لا يضاهيه شوق، وحبًا لرسول الله لا يعرف الحدود.

لقد كانت المشاهد تتكرر بملامح واحدة في كل محافظة: حشود هائلة تتقاطر من القرى والوديان، رايات خضراء ترفرف، أصوات ترتفع بالصلاة والسلام على رسول الله، وجموعٌ تهتف بعشقها الأزلي لخاتم الأنبياء. وكأن اليمن كله قلبٌ واحد، يخفق باسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

هذا العشق لم يكن احتفالًا عاطفيًا عابرًا، بل هو خلاصة هويةٍ إيمانيةٍ لا مثيل لها في العالم؛ إذ جسّد اليمنيون أن حبهم مقتصر على رسول الله، وأن ولاءهم خالصٌ له دون سواه، وأنهم وحدهم من ترجموا المحبة إلى موقفٍ عمليٍّ وسلوكٍ جهادي. فهم الذين استلهموا من الرسول العزة والكرامة، وساروا على هديه في مواجهة الطغيان. كما أن النبي قاتل اليهود والنصارى والمنافقين وغيرهم من قوى الكفر، فإن اليمنيين اليوم يواجهون قوى العصر المتجبرة: أمريكا و”إسرائيل”، ويقفون بثباتٍ إلى جانب فلسطين وغزة، مؤكدين أن محبتهم لرسول الله ليست كلماتٍ على الشفاه، بل دماءٌ وتضحيات في ميادين الشرف.


اليمنيون جسّدوا أن الإسلام ليس شعائر باردة، بل مشروع حياة قائم على المقاومة والكرامة. إنهم المسلمون الذين يتأسون برسول الله حقًّا، ويجعلون من سيرته نهجًا عمليًا؛ يواجهون الظلم كما واجهه، ويقاومون الطغاة كما قاومهم، وينتصرون للقضية العادلة كما نصر هو المستضعفين من قبل.

ولأنهم ارتبطوا بالرسول الأكرم، استمدوا منه القدرة على مواجهة المستحيل. فبعد سنواتٍ من الحرب والحصار، انطلقوا من تحت الركام، وبنوا من الصفر قوتهم العسكرية، وابتكروا بأيديهم تكنولوجيا متطورة أرعبت المعتدين، وأربكت موازين القوى. لم يكن ذلك مجرد صناعةٍ مادية، بل ثمرةً لارتباط روحي برسول الله، الذي علّم أمته أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

إن الفعاليات التي عمّت المحافظات اليمنية جميعًا، لم تكن مجرد طقوسٍ دينية، بل كانت إعلانًا صريحًا أن هذا الشعب، رغم الجراح والآلام، لا يزال يحمل لواء محمد عاليًا، وأنه سيظل وفيًا للرسالة، ثابتًا على الطريق، صامدًا في مواجهة الطغيان، متشبثًا بمبادئ الحرية والكرامة التي أتى بها خاتم الأنبياء.

اليوم، وقد امتلأت الساحات في كل اليمن، وقف أبناء هذا الشعب ليقولوا للعالم أجمع: “نحن أبناء محمد، نحن أحفاد الأنصار، نحن المسلمون الذين لم نخضع، ولن نخضع، والذين سنظل نقاتل قوى الاستكبار حتى يكتب الله لنا النصر كما كتبه لرسولنا يوم غلب الأحزاب والمشركين”.

هكذا بدا اليمن بأبنائه الذين وحّدهم حب محمد، وهكذا بدت الأرض الطاهرة التي حوّلت المولد النبوي إلى ملحمةٍ كونيةٍ تتجدد كل عام، لتبقى شاهدةً أن يمن الإيمان والحكمة هو الأصدق حبًا لرسول الله، والأوفى عهدًا، والأمضى عزمًا في مواجهة أعداء الله والإنسانية.