أفق نيوز
الخبر بلا حدود

اليمن يكتب ملحمته المحمدية.. حشود أنصارية أسطورية تحتفي بالمولد النبوي وتعلن وفاءها لرسول الله وفلسطين

53

أفق نيوز|

تقرير| خاص

في مشهد لا يضاهيه مشهد، وفي لوحة إيمانية كونية لا مثيل لها في العصر الحديث، احتشد الشعب اليمني بملايينه في العاصمة صنعاء وسائر المحافظات الحرة، ليحيوا ذكرى مولد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، معلنين أن حبهم له ليس شعارًا عابرًا، بل هو هوية متجذرة، ونهج عملي، وسلوك جهادي، وموقف حضاري، يربط الماضي بالحاضر والمستقبل.

لم تكن هذه الحشود الطوفانية مجرد مهرجانات احتفالية، بل تحولت إلى إعلان صريح: أن اليمن، بعد ثورة 21 سبتمبر المجيدة، صار سيد نفسه، وصاحب قراره، ورقمًا صعبًا في معادلات المنطقة والعالم.. ومن قلب هذه الحرية والسيادة، فجّر اليمنيون عرسًا محمديًا أسطوريًا، يليق بمقام النبي الأعظم، ويعيد للأمة روحها المفقودة، ويؤكد أن “الإيمان يمان والحكمة يمانية” لم تعد كلمات تاريخية، بل واقعًا حيًا يتحقق أمام أعين العالم.

صنعاء.. القلب النابض يهتف باسم محمد

العاصمة صنعاء لم تكن مجرد مدينة احتفلت، بل كانت درة خضراء ارتدت أبهى حللها، وتحوّلت إلى محراب واسع، ارتفعت فيه الصلوات من كل حي وشارع وزقاق، حتى بدت كأنها مدينة خُلقت خصيصًا لرسول الله.

منذ الفجر، توافدت الجموع المليونية إلى ساحة السبعين، رجالًا ونساءً وأطفالًا، كبارًا وصغارًا، وكلهم يحملون رايات خضراء وقلوبًا بيضاء. الساحة امتلأت عن آخرها، والشوارع المحيطة غصّت بالمحتفين، حتى عجزت عدسات الكاميرات عن احتواء المشهد.

تحولت صنعاء إلى بحر هادر من البشر، يهتف “لبيك يا رسول الله”، وينشد المدائح النبوية، ويردد الموشحات الخالدة، في مشهد روحاني لا يعرف له التاريخ المعاصر مثيلًا.

المحافظات.. اليمن كله في عرس محمدي

لم تكن صنعاء وحدها شاهدة على الحدث، بل امتد المشهد إلى كل محافظة يمنية حرة، حيث تحولت القرى والوديان إلى قوافل خضراء تتدفق نحو الساحات.

من صعدة إلى الحديدة، ومن إب إلى ذمار، ومن تعز الحرة إلى الضالع، توحّدت اليمن أرضًا وإنسانًا تحت راية محمد، لتؤكد للعالم أن هذه الأمة جسد واحد، قلب واحد، وصوت واحد يصدح بالولاء لرسول الله، وبالعهد لفلسطين، وبالمقاومة في وجه أمريكا و”إسرائيل”.

هوية إيمانية متجذرة.. لا احتفال عاطفي

هذه الملايين لم تخرج لمجرد الفرح والبهجة، بل خرجت لتقول للعالم: إن الإسلام ليس شعائر باردة، بل مشروع حياة قائم على المقاومة والكرامة.

اليمنيون استلهموا من نبيهم الشجاعة في مواجهة الطغاة، كما واجه اليهود والنصارى والمنافقين، فكانوا اليوم في مواجهة أمريكا و”إسرائيل”. ولأنهم أحفاد الأنصار، فقد جسّدوا أن الحب الصادق للرسول ليس كلمات على الشفاه، بل دماء وتضحيات في الميدان.

لقد تحولت ذكرى المولد النبوي في اليمن إلى مدرسة مفتوحة للأجيال، يتعلمون منها معنى الصبر والثبات، ويستمدون منها روح التضحية والفداء، ويجعلون من حبهم للنبي صلوات الله عليه وعلى آله، وقودًا لمسيرة التحرر من الطغيان.

ثورة 21 سبتمبر.. مفجر الزخم وقاطرة السيادة

ما كان لهذه المشاهد المليونية أن تكون لولا ثورة 21 سبتمبر المباركة، التي أخرجت اليمن من عباءة الوصاية الأمريكية والخليجية، وحررت قراره السياسي والسيادي، وجعلته أمةً حرةً عزيزةً.

هذه الثورة لم تحرر الأرض فقط، بل أعادت للإنسان اليمني ثقته بنفسه، وأحيت في قلبه روح الارتباط برسول الله، وحولته إلى طاقة جبارة تصنع المستحيل. فمن رحم الثورة انبثق هذا الوعي، ومن وهجها تدفق هذا الزخم، حتى غدت اليمن اليوم تتصدر الأمة في إحياء مولد النبي، بالوعي قبل العدد، وبالموقف قبل الشكل.

فلسطين في قلب المشهد.. العهد يتجدد

الحشود اليمانية لم تنسَ فلسطين، بل رفعت قضيتها في قلب الاحتفال، وأعلنت أن نصرة غزة واجبٌ إيماني، وأن التصعيد ضد الكيان الصهيوني خيار استراتيجي حتى زواله.

إن حب اليمنيين لرسول الله هو ذات الحب الذي يجعلهم يقفون بثبات مع المستضعفين، ويقاتلون قوى الاستكبار، ويجعلون من دمائهم درعًا يحمي الأمة، تمامًا كما فعل الأنصار الأوائل مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، في المدينة.

رسالة اليمن للعالم: على العهد باقون

اليمن اليوم لم يحتفل فقط، بل وجّه رسالة للعالم: نحن أبناء محمد، أحفاد الأنصار، المسلمون الأحرار الذين لم يخضعوا ولن يخضعوا، والذين سيظلون يقاتلون الطغاة حتى يكتب الله لهم النصر.

لقد قال الشعب كلمته وهو يهتف بالملايين: إن طريقنا هو طريق محمد، وإن هويتنا هي الهوية الإيمانية الأصيلة، وإننا سنظل في مقدمة الأمة، نكتب تاريخها ونصنع مستقبلها.

لوحة أسطورية

لقد تحولت اليمن في ذكرى المولد النبوي الشريف إلى كوكب أخضر من نور ووفاء، رسم لوحة أسطورية للإنسانية كلها، وقدم للأمة درسًا خالدًا: أن من أراد الحرية والسيادة فليعد إلى محمد، ومن أراد الكرامة والعزة فليستلهما من ثورة 21 سبتمبر المباركة، التي صنعت هذا الزخم ووهبت للأمة نموذجًا حيًا للهوية الإيمانية المقاومة.

اليمن اليوم، شعبًا وثورةً وقيادةً، قال للعالم أجمع: “على العهد باقون.. وبنور محمد سائرون.. وبنصر الله واثقون”.