الحشود اليمنية في المولد النبوي.. بين الوفاء المحمدي وثمار ثورة 21 سبتمبر
أفق نيوز|
تقرير|
شهدت الساحات اليمنية في ذكرى المولد النبوي الشريف اندفاعًا شعبيًا غير مسبوق، حيث خرجت الملايين لتجديد الولاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. هذا الاندفاع لم يكن مجرد حماس عاطفي، بل كان تعبيرًا عن هوية راسخة وتجذر إيماني، جعل من المولد محطة تتجلى فيها أصالة الشعب اليمني في ارتباطه العميق بالرسول ومشروعه القرآني.
اللافت أن الحشود لم تعبّر عن المشاركة بالعدد فقط، بل حضرت بروح إيمانية عالية، تعكس وعيها بأن المناسبة ليست احتفالًا عابرًا بل موقفًا حضاريًا ورسالة مواجهة.
المولد النبوي كمرآة للهوية اليمنية
الاحتشاد المليوني قدّم للعالم صورة واضحة عن الشعب اليمني الذي يعتبر المولد النبوي جزءًا من هويته الدينية والثقافية والسياسية.
هذا الحضور الجارف يكشف أن اليمنيين ينظرون للنبي محمد كقائد أمة ومنقذ حضارة، وأن الاحتفال بمولده هو تثبيت لجذور الانتماء القرآني، وتجديد للعهد بالسير على نهجه في مواجهة التحديات.
دور ثورة 21 سبتمبر في صناعة المشهد
لو عدنا بالذاكرة عقدًا من الزمن، ندرك أن هذا الزخم الكبير ما كان له أن يظهر لولا ثورة 21 سبتمبر 2014م. فالثورة أعادت للشعب اليمني قراره المستقل، وأسقطت الوصاية الخارجية، ومكّنت الدولة من أن تتحرك بروحها الوطنية والإيمانية بعيدًا عن الإملاءات.
- التحرر من الوصاية: لولا الثورة، لبقيت الساحات اليمنية مرتهنة لسياسات الهيمنة الأمريكية والسعودية التي كانت تسعى لطمس الهوية المحمدية ومنع أي حضور جماهيري واسع للمناسبات الدينية.
- تعزيز الحرية الدينية والسياسية: الثورة هيأت بيئة داخلية تمكّن الشعب من التعبير عن هويته الدينية بكل قوة وزخم، دون قمع أو تكميم.
- تجسيد الإرادة الشعبية: هذه الملايين المحتشدة اليوم هي الدليل العملي على أن ثورة 21 سبتمبر لم تكن حركة سياسية محدودة، بل كانت ثورة هوية أعادت للأمة أصالتها وارتباطها برسولها.
البعد السياسي والاستراتيجي للحشود
الحضور المليوني لا يمكن قراءته في سياق ديني فقط، بل هو رسالة سياسية بامتياز:
- للداخل: تأكيد التلاحم بين القيادة والشعب على قاعدة الهوية الإيمانية، وتجديد الثقة بمسار الثورة.
- للخارج: إشهار أن اليمن، رغم العدوان والحصار، حاضر بقوة في معادلة الصمود، وأنه يمتلك قاعدة جماهيرية صلبة تستند إلى عمق ديني وحضاري.
- للأمة الإسلامية: دعوة ضمنية بأن التحرر والعودة الصادقة إلى الرسول ممكنة إذا امتلكت الشعوب قرارها كما فعل اليمنيون.
المولد كثمرة ثورة
إذا كان البعض يرى في المولد النبوي مجرد مناسبة سنوية، فإن في اليمن تحوّل إلى شاهد حي على ثمار ثورة 21 سبتمبر:
- حرية الاحتشاد والتعبير.
- زخم شعبي عابر للظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة.
- حضور جماهيري منظم وآمن، يعكس قوة الدولة الوطنية التي صاغتها الثورة.
بهذا المعنى، يمكن القول إن كل حشد مليوني في المولد النبوي هو استفتاء شعبي جديد يؤكد أن الثورة صنعت واقعًا مغايرًا، وأنها لم تكتفِ بإسقاط الوصاية بل نجحت في إعادة إحياء الأمة إيمانيًا وثقافيًا.
مقارنة: قبل الثورة وبعدها
قبل ثورة 21 سبتمبر، كانت محاولات إحياء المولد النبوي في اليمن تتم في أجواء مضايقة، خاضعة لإملاءات السلطة المرتهنة للخارج، التي كثيرًا ما حاولت طمس هذا الحضور أو تقليصه إلى شعائر محدودة بلا بعد جماهيري واسع. أمّا بعد الثورة، فقد تغيّر المشهد جذريًا؛ تحوّلت الساحات إلى ميادين مليونية، وصار المولد حدثًا جامعًا للأمة بكل أطيافها، تعبيرًا عن الاستقلال والحرية، وتأكيدًا أن الهوية المحمدية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من مشروع الدولة الوطنية المقاومة.
اليمن في المولد.. ولاء وهوية ثورية
الحشود اليمنية التي ملأت الساحات في ذكرى المولد النبوي الشريف ليست حدثًا عابرًا، بل هي انعكاس لروح أمة ارتبطت برسولها حبًا ووعيًا وإيمانًا، وتجسيد حي لثمار ثورة 21 سبتمبر التي حررت القرار اليمني وأعادت الاعتبار للهوية المحمدية. بهذه الحشود، يعلن اليمن للعالم أن الثورة ليست صفحة من الماضي، بل مشروع مستمر يمنح الأمة القدرة على الصمود والمواجهة، ويثبت أن الولاء للنبي محمد هو الركيزة التي تبنى عليها الدولة الوطنية المقاومة.