أفق نيوز
الخبر بلا حدود

قمة “الدوحة” وخطر التمدد الصهيوني

67

أفق نيوز|

د. فاضل الشرقي

تصعيد العدو الصهيوني لجرائمه الفضيعة وعدوانه الوحشي في غزة والضفة لن يؤدي لتصفية القضية ولن يحقق أهدافه المعلنة، لأنه يواجه بتصدي بطولي وصمود أسطوري من أهالي غزة والمجاهدين الذي يواجهون ويكمنون ويقتلون ويدمرون ويثخنون في العدو وجنوده وآلياته، رغم كل التنكُّر والتخلي والخذلان العربي والإسلامي والدولي إلا القليل النادر، والمرض والجوع والعطش، والحصار والتجويع والإبادة الذي لا سابق له ولا نظير.

نشيد بعملية القدس البطولية التي أودت بحياة ثمانية وجرح أربعين من قطعان المحتلين والمغتصبين اليهود الصهاينة، ونشد على أيدي أبناء الداخل الفسلطيني، ونؤكد أن أقوى سلاح فاعل ومؤثر ورادع للعدوان هو العمليات الجهادية والإستشهادية في الداخل الفلسطيني التي ستفضي في حال استمرارها إلى وقف فوري للعدوان ورفع كلي للحصار، بل لو استمرت وتنامت ستؤدي -حتما- لتفكك الكيان وزواله.

العدوان الصهيوني المدعوم أميركيا على بعض قيادات حركة حماس في قطر «الدوحة» انتهاك لسيادة بلد عربي، ومن المؤكد أن يد هذا العدوان الإجرامية والآثمة إذا لم تقطع أو تردع وتكفف ستمتد لتطال البلدان العربية والإسلامية وعواصمها.

العدو الصهيوني يتبجح جهارا نهارا في تصريحاته وتهديداته المتكررة باستهداف المنطقة برمتها وتغييرها جذريا واستراتيجيا بدعم أمريكي وغربي لصالح اليهود، وإسقاط حكوماتها وأنظمتها واقتطاع جزء كبير من أراضيها ومحو بعضها وإقامة دولة إسرائيل الكبرى على انقاضها، والسيطرة عليها وعلى مصالحها الوطنية والسيادية وثرواتها القومية، وها هو اليوم ينفذ خطواته الإستعمارية والتوسعية عمليا، ويستبيح سيادتها ويعربد في أجوائها ويغتال ويقتل ويدمر في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا ولبنان وقطر وإيران، ويتهدد الجميع بشكل علني وجدي لا يجدر تجاهله وإهماله والتغاضي عنه.

العدو الإسرائيلي المجرم يشكل خطرا على كل الأمة، ومسؤلية مواجهته على عاتق الجميع، وأخذ أعلى درجات الحيطة والحذر شيء ضروري لا يجدر التهاون فيه، كما أن همجيته وعدوانه لن يوفرا له أي ملاذٍ آمن على الإطلاق.

هذا العلو الكبير والاستكبار العالي والعنف المفرط والفساد العالمي لبني إسرائيل يأتي من واقع مشاعر الكبر والغرور والغطرسة والإطمئنان إلى قوتهم، والدعم الأمريكي والغربي لهم، وموقف الخنوع والإستسلام العربي والإسلامي الذي يصل للتآمر والخيانة لدى البعض، ولهذا لن يدوم ولن يستمر أبدا، ويصدق عليه قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:9]

العربدة الصهيونية في المنطقة والبطش الجبار بها وأهلها فيه إبتلاء واختبار وتمحيص عظيم لنا جميعا، هل سنتحمل المسؤلية، وهل سنستمر في حملها، ويصدق عليه قول الله تعالى: {.. وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ..} [محمد:4]

من مصلحة الدول العربية والإسلامية وشعوبها الحفاظ على بقاء حركات الجهاد والمقاومة في فلسطين ولبنان وغيرها، ودعمها وتقويتها، ولا سيما ما عجزها عن القيام بأي جهد مباشر في مواجهة العدو، ففي ذلك مصلحة قومية واستراتيجية لكل العرب والمسلمين، لأنه يضعف العدو، ويهدد وجوده، ويستنفد جهوده، ويردع أطماعه وعدوانه التوسعي، بينما تفريغ الساحة من هذه القوى الحية أو تجريدها من عناصر قوتها واستمرارها يصب في صالح العدو وخدمته على حساب بقاء هذه الدول ووجودها التي ستضرب وتسقط واحدة تلو أخرى إذا لم تغير من إستراتيجيتها في التعامل مع العدو، ومع حركات الجهاد والمقاومة في المنطقة.

دولة قطر ليست مقاومة ولا تعمل شيئا ضد أمريكا وإسرائيل، ولا تعاديهما، بل تقيم معهما علاقة جيدة، وتصنف دولة صديقة وحليفة تلتزم الحياد التام، وتقدم نفسها كوسيط محايد لدى كل الأطراف، وتعدها أمريكا أول حليف استراتيجي لها خارج حلف الناتو، فلماذا خدعها «ترامب» وتآمر عليها، ولماذا ضربتها إسرائيل واعتدت عليها وانتهكت سيادتها بتشارك أمريكي، وهي تحتضن أكبر قاعدة أمريكية في العالم؟ ونقول للدول العربية والإسلامية: إذا كنتم تعتبرون المقاومة في فلسطين ولبنان وغيرها هي السبب والمشكلة فقطر ليست مقاومة، فلماذا لا تنصرونها، وماذا ستعملون لها ولأمنكم القومي؟ وما هو الفرق بين الأمريكي الذين تستظلون بحمايته وتراهنون عليه وبين الكيان الصهيوني؟

في الإسبوع الماضي قرر المجرم القبيح «ترامب» تغيير إسم وزارته العدوانية من وزارة الدفاع إلى “وزارة الحرب”، وهذا القرار يتقاطع مع القرار الصهيوني اليهودي المهدد بتنفيذ تغيير إستراتيجي شامل في المنطقة العربية والإسلامية لصالح العدو الإسرائيلي، وهو بمثابة إعلان حرب صريحة على الجميع، وفي نفس الوقت يظهر حقيقة الوجه الأقبح والأشنع للنظام الأمريكي المتغطرس القائم على الظلم والعدوان والحرب والإجرام.

هنا يطرح تساؤل مهم جدا: أين دور روسيا والصين لوقف حرب الإبادة والتهجير والتجويع في غزة وفلسطين كقوتين دولتين تمتلكان حق الفيتو في مجلس الأمن، ويدعيان عدم الإنحياز، والإصطفاف الإنساني، ويسعيان لتغيير النظام العالمي، وقيادته؟ ولماذا يلتقي الجميع مع أمريكا وإسرائيل في ظلم الفلسطينيين وقتلهم وطردهم وتهجيرهم؟

من المؤكد أن فلسطين رمز العدالة والإنسانية التي تفضح الجميع وتكشف صدقهم، ولن يحصل أي تغيير ولن يقوم أي نظام جديد لأي قوة أخرى ما لم تحقق العدالة لشعب فلسطين.

في مواجهة كل هذه المخاطر والتحديات والأحداث والتطورات تستمر عمليات القوات المسلحة اليمنية الشاملة المناصرة لغزة والضفة والشعب الفلسطيني المظلوم في مواجهة العدوان الصهيوني القذر الذي يستبيح ويقتل ويهجر ويدمر بلا هوادة، ويستمر الشعب اليمني المؤمن المجاهد بكل صدق وصلابة وعزم على موقفه القرآني ومبدئه الإيماني وتحركه الجهادي يقدم التضحيات ويملأ الساحات في أزهى وأروع وأجمل وأنبل مشاهد الإيمان والصدق والوفاء والإخاء والتضامن الذي لا نظير له في كل مواقفه وأعماله، ومنها وفي مقدمتها الخروج الأسبوعي المليوني المتكرر عصر كل جمعة في كل الساحات والميادين في العاصمة صنعاء والمحافظات وفاءً للشهداء، وتأكيدًا على ثبات الموقف واستمراره مهما كانت التحديات والتضحيات.