أفق نيوز
الخبر بلا حدود

أمن صنعاء وأخواتها.. مفقودٌ في المناطق المحتلّة

41

أفق نيوز|

أحمد الضبيبي

في غمرة الصراعات التي تعصف بالمنطقة، تبرز العاصمة اليمنية صنعاء والمناطق الحرة كنموذج فذّ للاستقرار الأمني، وهو إنجاز استثنائي تتناقض تفاصيله الصارخة مع حالة الفوضى والانفلات المريع التي تعيشها المناطق المحتلّة.

إن الأجهزة الأمنية في صنعاء والمناطق الحرة، بإشراف وتوجيه من وزارة الداخلية والمجلس السياسي الأعلى، لم تكتفِ بتوفير الأمن، بل تحولت إلى حصن الأمن المنيع الذي تكسرت على أسواره كُـلّ المخطّطات التخريبية.

لم يكن هذا التحول وليد الصدفة أَو مُجَـرّد ضربة حظ، بل جاء ثمرة جهود دؤوبة وتخطيط محكم وإرادَة صلبة من قبل الأجهزة التي نجحت في تحويل العاصمة من مُجَـرّد بؤرة محتملة للتخابر والتجسس والتجنيد، التي كانت تسعى لها أجنحة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، إلى قلعة أمنية صلبة.

لقد تمكّنت هذه الأجهزة اليقظة، بالتعاون الوثيق مع المجتمع اليمني، من تفكيك الخلايا الإجرامية والتجسسية والمخابراتية والإرهابية التي تحيكها هذه الاستخبارات، خافضةً معدلات الجريمة بشكل ملحوظ وغير مسبوق.

إن ترسيخ سلطة القانون في المناطق الحرة، مقدّمةً بذلك خارطة طريق للسلام واليقظة، يستحق عظيم التبجيل والتقدير.

إن مشهد المقارنة بين نجاح الجانب الأمني الساطع في المناطق الحرة والفشل الذريع لما يسمى بالجانب الأمني في المناطق المحتلّة، يمثل دليلًا دامغًا على تباين الإرادَة والكفاءة.

في صنعاء الحرة، جسدت الأجهزة الأمنية قوة الردع الفوري عندما نجحت في الإمساك بقاتل الدكتورة وفاء الباشا، التي تعرضت للاغتيال الجبان مساء يوم الجمعة، وكان القبض على الجناة، وهم عناصر إجرامية، خلال ساعات وجيزة بعد ارتكابهم للجريمة، ليؤكّـد يقظة الجهاز الأمني وسرعة استجابته المذهلة ويجسد الإرادَة الأمنية النافذة.

بينما في تعز المحتلّة، على النقيض تمامًا، سقطت مديرة صندوق النظافة في تعز، إفتهان المشهري، ضحية تهديدات مسجلة ومسبقة وتواطؤ أمني مفضوح، وقد أثبت فشل ما يسمى بـ”الأجهزة الأمنية” في تعز في الإمساك بقتلتها أن هناك إرادَة أمنية مفقودة، بل وتواطؤًا يشي بفشل مؤسّساتي ذريع.

إن نجاح الأجهزة الأمنية بصنعاء في الإمساك بقاتل الدكتورة وفاء الباشا لم يكن مُجَـرّد إنجاز جنائي، بل يفتح ملف “الإرادَة الأمنية المفقودة” في المناطق المحتلّة، ويسلط الضوء على فشل ما يسمى بالأجهزة الأمنية في تعز من إلقاء القبض على من قاموا باغتيال إفتهان المشهري.

الأمر الأكثر إثارة للقلق يكمن في أوجه المقارنة بين هوية القتلة؛ قتلة الدكتورة وفاء الباشا في صنعاء هم عناصر إجرامية مُجَـرّدة، تم القبض عليهم والتعامل معهم بصرامة القانون خلال ساعات وجيزة، بينما قتلة مديرة صندوق النظافة إفتهان المشهري في تعز تشير التفاصيل إلى أن قيادة المرتزِقة أنفسهم تقف وراء هذه الجريمة، أَو على الأقل كان هناك تواطؤ صريح ومسبق من الأجهزة الأمنية في تعز.

ويضع القبض على قتلة الدكتورة وفاء الباشا في العاصمة صنعاء أمن تعز في قفص الاتّهام، ويثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الفشل الأمني في المناطق المحتلّة ليس ناتجًا عن نقص في الإمْكَانيات بقدر ما هو فشل في الإرادَة، وتورط في حماية المجرمين المتنفذين.

وفي خضم هذه التباينات الصارخة، يبرز الدور الحقير للمنافقين وأبواق المرتزِقة في المناطق المحتلّة، الذين يسعون جاهدين إلى تسييس القضايا الجنائية لأسباب سياسية وطائفية ومناطقية، في محاولة يائسة لتشويه الإنجاز الأمني في صنعاء وصرف الأنظار عن حالة الفوضى التي يعيشونها.

إن تسييس هذه الأفعال الإجرامية وتحويلها إلى أوراق لعب رخيصة لن يزعزع ثقة المجتمع اليمني قيد أنملة بنجاح الأجهزة الأمنية في العاصمة صنعاء والمناطق الحرة، بل على العكس، يزيد هذا الفعل من قناعة الشعب بأن الجهات التي تنجح في إلقاء القبض على الجناة في “ساعة الصفر” هي وحدها من تستحق الثقة والتمجيد، وهي التي تمتلك الإرادَة الوطنية الصادقة لحماية كُـلّ مواطن يمني.

وفي هذا المشهد المُلتهب، تنجلي الحقيقة كالشمس في كبد السماء؛ فالتباين الصارخ بين حالتين ليس مُجَـرّد تباين في الإجراءات الأمنية، بل هو تباين في جوهر الإرادات وصدق النوايا.

إن ما حقّقته الأجهزة الأمنية في صنعاء والمناطق الحرة ليس مُجَـرّد رقم يُضاف إلى سجل الإنجازات، بل هو تجسيد عملي لمفهوم الدولة الحامية والمسؤولة، التي تتخذ من يقظة العين وسرعة البت شعارًا لها، مُحيلة العاصمة إلى حصنٍ منيع تتفتَّت على أسواره أعتى المؤامرات الخبيثة.

في الختام، يظل النجاح الأمني في صنعاء شاهدًا أبديًّا على أن الإرادَة الوطنية الصادقة، المدعومة بيقظة المجتمع وحكمة القيادة، هي القادرة وحدها على انتزاع الأمن من فم الفوضى، وإرساء سلطة القانون التي تمجّد الكفاءة وتدمغ زيف الفشل، وتستحق كُـلّ تبجيل وتقدير.