أفق نيوز
الخبر بلا حدود

تصاعد العمليات اليمنية يحطّمُ الآمالَ الصهيونية المعلَّقة على واشنطن ويعيد جبهةَ العدوّ إلى ما وراء نقطة الصفر

76

أفق نيوز | ضرار الطيِّب: يضعُ تصاعُـــدُ العملياتِ العسكريةِ اليمنيةِ على عُمْقِ الأراضي الفلسطينية المحتلّة، كُلًّا من كيان العدوّ والولايات المتحدة الأمريكية تحتَ وطأةِ ضغط استراتيجي هائل، بعدَ شهر ونصفِ شهرٍ من العدوان الذي علَّق عليه الطرفانِ آمالًا كبيرةً في تحقيقِ نتائجَ “حاسمةٍ”؛

لأَنَّ هذا التصعيدَ لا يعكسُ فقط فشلَ العدوان، بل يُبرِزُ اتساعًا كَبيرًا في نطاق ووتيرة النيران اليمنية؛ الأمر الذي لا يعيد جبهة العدوّ إلى المربع الأول، بل يلقي به بعيدًا وراء نقطة الصفر، حَيثُ يفرض خيار وقف الإبادة الجماعية في غزة نفسه، مرة أُخرى، كحَلٍّ وحيدٍ وضروري؛ لتجنُّبِ تعاظم تأثير وحجم خطر جبهة الإسناد اليمنية.

ثلاثُ ضربات صاروخية بعيدة المدى وصلت إلى عُمق كيان العدوّ خلال 24 ساعة، وتسببت بإطلاق صافرات الإنذار في معظم أنحاء فلسطين المحتلّة، في إطار تصعيد كبير بدأته القواتُ المسلحة خلال الأيّام الماضية وتضمَّن إطلاقَ عدد متزايد من الطائرات المسيَّرة أَيْـضًا، ولم يقتصر الأمرُ على زيادة وتيرة وعدد الضربات، بل شمل أَيْـضًا توسيعَ دائرة النيران لتشملَ شماليَّ فلسطين المحتلّة.

تصعيدٌ يأتي مواكبًا لتزايُدِ سوء الأوضاع في قطاع غزة نتيجةَ الإبادة الجماعية وحرب التجويع، وهو يعكسُ احتفاظَ القوات المسلحة اليمنية بقدرتها على الحضور في الوقت اللازم بما يمكِّنها من خطوات تصعيدية مهمة؛ الأمر الذي ينسفُ تمامًا كُـلَّ الروايات الأمريكية والصهيونية حول نجاح إدارة ترامب في التأثير على القدرات اليمنية أَو إجبارِ القوات المسلحة على خفض عملياتها، حتى إن وسائلَ الإعلام العبرية لم تجد ما تقدِّمُه لطمأنة قُطعان المستوطنين، سوى تفسيراتٍ غير منطقية ومثيرة للسخرية تزعُمُ أن التصعيدَ يعكسُ نجاحَ الولايات المتحدة في الإضرار بالقدرات اليمنية!

بحسب تقاريرَ عبرية فَــإنَّ جيشَ العدوّ الصهيوني لجأ إلى إطلاقِ دفعات من صواريخ منظومة (السهم3) التي تتجاوزُ قيمةُ الواحد منها 4 ملايين دولار، في محاولاته الفاشلة لاعتراض الضربات اليمنية الأخيرة، وهو ما يعكسُ انهيارَ الطبقات الدفاعية الأمريكية والإقليمية التي تم تعزيزُها خلالَ الفترة الماضية، وكان العدوّ يعوِّلُ عليها بشكل كبير، بما في ذلك منظومات (ثاد) وكذلك منظوماتُ الرصد والاعتراض التابعة لمجموعة حاملة الطائرات (هاري ترومان) التي تستعدُّ للمغادرة بعدَ عشرات الهجمات اليمنية التي أنهكتها وأخرجتها عن الخدمة إلى حَــدِّ أنها بدأت تفقِدُ مقاتلاتِها الحربية.

وبالتالي فَــإنَّ التصعيدَ اليمنيَّ يأتي في توقيتٍ حسَّاسٍ للغاية بعد أن فقد العدوُّ “الحمايةَ” التي كان يعوِّلُ عليها كَثيرًا، والتي لا تقتصرُ فقط على الطبقات الدفاعية الأمريكية، بل تشملُ أَيْـضًا العملياتِ العدوانيةَ الأمريكية على اليمن، والتي بات واضحًا الآن أنها لا تحقّقُ شيئًا بل صارت عبئًا متزايدًا على واشنطن؛ الأمر الذي يُعيدُ كَيانَ الاحتلال إلى نقطة الصفر فيما يتعلَّقُ بالتهديد الأمني والاستراتيجي القادم من اليمن.

ويمكن القول إن التصعيدَ قد دفع العدوّ إلى ما وراء تلك النقطة؛ لأَنَّ العملياتِ اليمنيةَ قد امتدت إلى مناطقَ استراتيجيةٍ جديدةٍ في عمقِ الأراضي الفلسطينية المحتلّة، مثل حيفا؛ وهو ما يعني أن معظمَ كَيانِ العدوّ قد صار في نِطاقِ النيران اليمنية التي بات واضحًا أن أدواتِها تطوَّرت أَيْـضًا، حَيثُ استخدمت القواتُ المسلحةُ في الضرباتِ الأخيرةِ صاروخًا فرطَ صوتي لم تكشف عن اسمه، كما أن وتيرةَ العمليات تزايدت بشكل كبير وصار الجيش اليمني يطلقُ أسرابًا من الطائرات المسيَّرة (يافا) على عُمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة من مسارات مختلفة، ولن يمُرَّ وقتٌ طويلٌ قبل أن يبدأَ إعلامُ العدوّ ومسؤولوه بالحديثِ صراحةً عن إنهاك المنظومات الدفاعية التابعة له واستنزافها بلا جدوى، وصعوبة التعامل مع الضربات اليمنية واسعة النطاق، وهو أمر كان له تأثيرٌ مباشرٌ في دفع العدوّ نحو القبولِ بوقف إطلاق النار في ينايرَ الماضي، حسب اعترافِ مسؤولين صهاينة.

وينسحبُ هذا التأثيرُ أَيْـضًا على الجبهة الأمريكية المسانِدة للعدو الصهيوني، والتي تواجه الآن فشلًا يفوقُ فشلَ إدارة بايدن، حَيثُ أصبحت المخاطر التي تواجهها حاملات الطائرات أكبرَ كما أثبتت التطوراتُ الأخيرة في البحر الأحمر، واتسعت رقعةُ الفشل والمخاطر لتشملَ قاذفات (بي-2) الاستراتيجية أَيْـضًا؛ ما يعني انهيارَ المزيد من وسائل واستراتيجيات “الردع” الأمريكي.

وقد مثَّل قرارُ حظر صادرات النفط الأمريكي، الذي أعلن عنه مركَزُ تنسيق العمليات الإنسانية في صنعاء، أمس الجمعة، دليلًا واضحًا على أن ورطةِ إدارة ترامب قد تجاوزت بالفعل مستوى ورطة الإدارة السابقة، وأنَّ أُفُقَ أي عدوان على اليمن مفتوحٌ فقط على المزيد من النتائج العكسية، وهو ما يعني بوضوحٍ فقدانَ السيطرة على الوضع، واستمرار انفراد القوات المسلحة اليمنية بامتلاك زمامِ فرض المعادلات الجديدة.

وبالمحصِّلَةِ، فَــإنَّ التصعيدَ اليمني الأخير يشكِّلُ صدمةً حقيقيةً لجبهة العدوّ، ويضعُها في مواجهة حقيقةٍ مفادُها أن استمرارَ الإبادة الجماعية في غزةَ سيقودُ دائمًا إلى تطوُّراتٍ إضافيةٍ متسارعةٍ في تأثيرات وحضور جبهةِ الإسناد اليمنية في مقابلِ انهيارِ المزيدِ من الاستراتيجية العدوانية والدفاعية الأمريكية والصهيونية، وأن كُـلَّ مساعي تحييدِ هذه الجبهة لن تؤدِّيَ دائمًا إلا إلى مفاجآتٍ جديدةٍ تزيدُ ثقلَ وحجمَ ضغط الموقف اليمني؛ الأمر الذي يجعل وقفَ العدوان على غزةَ هو الحل الوحيد، بل والضروري لوقفِ تعاظم الخطر الاستراتيجي المعقَّدِ الذي يشكِّلُه اليمنُ على كَيانِ العدوّ.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com