أفق نيوز
الخبر بلا حدود

اليمن يفرض معادلة الكرامة لغزة.. وأنظمة التطبيع تغرق في مستنقع العار

33

أفق نيوز|

في وقت تقف فيه دول وشعوب من أمريكا اللاتينية والوسطى وأفريقيا، مواقف شجاعة ضد الجرائم الممنهجة من إبادة وتجويع يتعرض لها سكان قطاع غزة على يد الكيان الصهيوني بدعم أمريكي، ما تزال أنظمة عربية وإسلامية تلتزم الصمت والتفرج منذ السابع من أكتوبر 2023م حتى اليوم.

الأدهى أن بعض هذه الأنظمة التي تتشدّق بالعروبة، تمد جسوراً برية وبحرية وجوية نحو كيان العدو، فيما يموت ملايين الفلسطينيين في غزة جوعاً وقصفاً، وصولًا إلى إسقاط إمدادات غذائية ودوائية للمحاصرين في القطاع، استشهد وأصيب على إثرها العديد من المدنيين الباحثين عما يسّد رمقهم، دون أن يتوقعوا أن الموت يترصدهم حتى في لحظة بحثهم عن الحياة.

المواقف العربية والإسلامية تجاه ما تشهده غزة من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، لم تتحرك قيد أنملة لصالح الضحية، بل انحازت بوضوح إلى صف الجلاد، وهو ما تجلّى في نمو الحركة التجارية والاقتصادية مع كيان العدو لدى عدد من الدول العربية والإسلامية، أبرزها تركيا ومصر والسعودية والأردن، وفق بيانات المواقع الملاحية لتتبع السفن عبر الأقمار الاصطناعية.

وبرغم هول الفاجعة، لم تصل مواقف تلك الأنظمة إلى مستوى الموقف البرازيلي الذي طرد السفير الصهيوني في فبراير 2024م، ولا إلى مواقف دول أمريكا اللاتينية أو جنوب أفريقيا التي تقدّمت بطلب رسمي لمحكمة العدل الدولية في 29 ديسمبر 2023م تتهم فيه إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية في غزة.

فصائل المقاومة الفلسطينية، رغم ما واجهته من وحشية النازية الجديدة، لم تطلب تدخلًا عسكرياً من الأنظمة العربية والإسلامية، بل طالبت بموقف سياسي حازم ضد داعمي العدو، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها ورفع حصارها، باعتبار ذلك رافعة لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بجرائم الإبادة في غزة منذ 22 شهرًا.

لكن تلك الأنظمة، اختارت أن تستجدي الإدارة الأمريكية التي تمثل الداعم الرئيسي لهيمنة الكيان الصهيوني في المنطقة منذ أكثر من سبعين عاماً، متجاهلة أنها هي التي ترعى مخطط “إسرائيل الكبرى” الذي يتجاوز حدود فلسطين ليطال دولاً عربية أخرى.

ويُعدّ مشهد فرض عمال ميناء جنوة الإيطالي حصاراً على السفينة السعودية “بحري ينبع” المحملة بالأسلحة لإسرائيل، وفق ما أورده موقع “الاشتراكية العالمية” (WSWS)، إحدى أبرز صور التضامن مع غزة، وفي الوقت ذاته دليلاً فاضحاً على مستوى التعاون السعودي الإسرائيلي الذي خرج إلى العلن بعد أن ظل طي الكتمان لسنوات.

أما موقف اليمن، رسمياً وشعبياً، فقد كان استثنائياً على مستوى المنطقة، حُددت معالمه وأهدافه منذ اليوم الأول للعدوان على غزة وتجسّد عملياً في استمرار القوات المسلحة عبر مراحل متعددة في دك عمق العدو بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وفرض حصار شامل على السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بها في البحرين الأحمر والعربي وصولًا إلى شرق المتوسط.

هذا المسار العملي الذي اختطه اليمن في دعم غزة، من الحصار البحري إلى ضرب العمق الصهيوني، يكتسب معناه الأكبر في ظل المأساة الإنسانية التي يعيشها القطاع وتخلي الأنظمة العربية والإسلامية عن أي دور مؤثر، ليبقى اليمن شاهداً وفاعلًا ومؤثراً في معركة كسر الحصار، وركيزة أساسية في جبهة الصمود العربي في وجه الاحتلال.

سيدوّن التاريخ المواقف المذلة والمخزية للأنظمة العربية والإسلامية، التي شاهدت بالصوت والصورة جرائم الإبادة الصهيونية والتجويع الممنهج في غزة، ولم تتخذ أي مواقف عملية لإنقاذ سكان القطاع من موت محقق قصفاً أو جوعاً، فيما يرسّخ اليمن حضوره كقوة فاعلة في جبهة المواجهة وإسناد المقاومة، مثبتاً أن الفعل الميداني هو من يكتب سجل الشرف في معركة الأمة.