أفق نيوز
الخبر بلا حدود

ديناميكيات الثورة.. من الإنذار الشعبي إلى انتصار صنعاء

44

أفق نيوز|

تقرير خاص|

 لم يكن انتصار ثورة 21 سبتمبر 2014م وليد صدفة، بل كان تتويجاً لمسار ثوري تصعيدي، مدروس ومنظم، عكس وعياً سياسياً وقدرة تنظيمية عالية.

في الفصل الرابع من كتابه “ثورة ٢١ سبتمبر وتأثيراتها على اليمن والمنطقة العربية”، يرصد الباحث مهدي المشاط بالتفصيل الديناميكيات التي حركت الشارع اليمني، والمراحل التي مر بها التصعيد الثوري، منذ إطلاق الشرارة الأولى وحتى دخول العاصمة صنعاء.

 

 

 الإرهاصات.. قرار الجرعة يُطلق شرارة الغضب
توضح الرسالة أن قرار حكومة الوفاق رفع الدعم عن المشتقات النفطية في نهاية يوليو 2014م لم يكن مجرد قرار اقتصادي، بل كان بمثابة “إعلان حرب” على معيشة المواطنين، هذا القرار، الذي جاء في سياق اقتصادي منهار وفساد مستشرٍ، شكل الشرارة التي أطلقت الحراك الثوري.
  • رفض شعبي وسياسي واسع: لم يقتصر الرفض على حركة أنصار الله، بل كان موقفاً وطنياً شاملاً، حيث أصدرت “رابطة علماء اليمن” بياناً يرفض القرار، وكذلك فعلت معظم الأحزاب السياسية، بما فيها أحزاب كانت مشاركة في الحكومة، وإن كان موقف بعضها متذبذباً، هذا الإجماع أظهر أن السلطة فقدت شرعيتها وأصبحت في مواجهة مباشرة مع الشعب.
  • خطاب الإنذار (يوم الإنذار): في هذه اللحظة الحاسمة، جاء خطاب قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ليعبر عن نبض الشارع، لم يكتفِ الخطاب برفض الجرعة، بل ربطها بالسياق السياسي الأوسع، معتبراً إياها نتيجة حتمية للفشل السياسي والفساد والتبعية للخارج.

حدد الخطاب ثلاثة مطالب واضحة شكلت أهداف الثورة المرحلية: 1) إسقاط الجرعة، 2) إسقاط الحكومة الفاشلة، 3) تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، كانت هذه الدعوة بمثابة “إنذار” واضح للسلطة، وبداية فعلية للتصعيد الثوري.

 مراحل التصعيد الثوري.. تكتيك النفس الطويل
يستعرض الباحث كيف انتقلت الثورة عبر مراحل تصعيدية مدروسة، جمعت بين الحشد الجماهيري والضغط السياسي، مع الحفاظ على الطابع السلمي.
  • المرحلة الأولى (الاحتشاد والتخييم): بدأت بخروج مسيرات مليونية في العاصمة والمحافظات، ثم تطورت إلى نصب مخيمات الاعتصام على مداخل العاصمة صنعاء، لم تكن هذه المخيمات مجرد اعتصام، بل تحولت إلى مراكز للتعبئة والتوعية، ومدارس للعمل الثوري، ونقاط انطلاق للضغط السلمي، هذا التكتيك أثبت قدرة الثورة على الحشد والتنظيم، وأربك السلطة التي وجدت نفسها محاصرة بإرادة شعبية.
  • المرحلة الثانية (العصيان المدني): مع تجاهل السلطة للمطالب الشعبية، انتقلت الثورة إلى مرحلة العصيان المدني، بدأت بإغلاق جزئي لشوارع حيوية لساعات محددة، ثم تطورت إلى رفع “الشارات الصفراء”، كرمز للاستعداد لخيارات أكثر حسماً، هذه الخطوات شلت حركة العاصمة، وأوصلت رسالة واضحة بأن صبر الشعب بدأ ينفد.
  • المرحلة الثالثة (الحسم الثوري): أمام تعنت السلطة ومحاولتها استخدام العنف لقمع المتظاهرين (كما حدث في مجزرة شارع المطار)، لم يكن أمام الثورة خيار سوى الحسم، توضح الرسالة أن السيطرة على صنعاء في 21 سبتمبر لم تكن انقلاباً عسكرياً، بل كانت نتيجة لانهيار منظومة السلطة من الداخل، وانحياز قطاعات واسعة من الجيش والأمن إلى جانب الشعب، ودخول اللجان الشعبية لحماية مؤسسات الدولة من الفوضى والنهب.
عوامل نجاح الثورة.. حكمة القيادة ووحدة الشعب
تناولت الرسالة في هذا الفصل العوامل التي أدت إلى نجاح الثورة في تحقيق أهدافها في فترة زمنية قياسية (50 يوماً).
    • التخطيط السليم والقيادة الحكيمة: تميزت الثورة بوجود قيادة مركزية واعية (ممثلة بالسيد عبد الملك الحوثي) استطاعت إدارة التصعيد بحكمة، والجمع بين الحزم والمرونة، وتحديد الأهداف بوضوح، وتوحيد الصفوف.
    • التمويل الذاتي والقرار المستقل: كانت الثورة “يمنية خالصة”، اعتمدت في تمويلها بشكل كامل على الدعم الشعبي (القوافل الغذائية والمالية)، مما حرر قرارها من أي ارتهان للخارج، وجعلها عصية على الاحتواء.
    • التسامح وحقن الدماء: على عكس ما يروجه الخصوم، حرصت قيادة الثورة على حقن الدماء قدر الإمكان، وحتى بعد الانتصار، لم تسع للانتقام، بل دعت فوراً إلى “اتفاق السلم والشراكة”، مما أثبت أنها ثورة تبني ولا تهدم، وتجمع ولا تفرق

 

  • المصدر : موقع يمني برس