أفق نيوز
الخبر بلا حدود

السعودية .. حربٌ على سوريا وسلمٌ مع “إسرائيل”

208

 

السعودية.. حرباً على سوريا وسلماً مع “إسرائيل”السعودية.. حرباً على سوريا وسلماً مع “إسرائيل”

تضع السعودية، كل المواقف المعارضة وحتى الناصحة، التي تتخذها الحكومات الاخرى، من سياستها ومواقفها في المنطقة،وحتى من النقد الذي يوجه الى هذه السياسة من قبل الاعلاميين، تضعه في خانة “الحسد والشعور بالغيرة ”، من “النجاحات الباهرة للقيادة السعودية على الصعد الداخلية والاقليمية والدولية”، ول“احتضان السعودية للحرمين الشريفين”، وتطلق العنان لامبراطورياتها الاعلامية ولجيوشها من السياسيين المرتزقة، لشن هجوم شامل لاخطوط حمراء فيه، على كل من تجرأ من هؤلاء، وتعرض او انتقد المملكة السعودية وسياستها الاقليمية والدولية.

اذا ما تجاوزنا سياسة السعودية الكارثية من اليمن، والتي انتهت الى حرب مدمرة لا افق لها، بعد ان تخلى عنها حتى حلفائها في الدول الخليجية، بسبب العناد الذي يصفه بعض الكتاب العرب والسعوديين بالعناد “البدوي”، واذا ما تجاوزنا ايضا سياستها العقيمة والعبثية في العراق، والمتمثلة بمعاداة النظام السياسي الجديد في العراق، على خلفية طائفية كريهة، انتهت بانتشار حالة من الكراهية لدى الشارع العراقي من السعودية، لن تزول حتى في المستقبل المنظور، واذا ما تجاوزنا قرارها الظالم والتعسفي والذي احدث شرخا كبيرا بين الشعب البحريني والسعودية والمتمثل باحتلال هذا البلد، لمساعدة النظام الخليفي المستبد في قمع ثورة البحرين، والذي سيكون له ارتدادات كبيرة، رغم كل النفوذ السعودي الذي لن يبقى على حاله في المستقبل القريب، واذا ما تجاوزنا سياسة السعودية في تعطيل انتخاب رئيس للبنان، رغم مرور فترة طويلة على شغور هذا المنصب، والانعكاس السلبي لهذا الامر على الوضع السياسي الاجتماعي والامني في لبنان، واذا ما تجاوزنا السياسة السعودية القديمة الجديدة، والمتمثلة في استخدام المجاميع التكفيرية، الخارجة من الرحم الوهابي، المذهب الرسمي للسعودية، كوسيلة ضغط لتمرير اهدافها السياسية في المنطقة، والتي ادخلت العديد من الشعوب العربية والاسلامية في انفاق مظلمة ودامية، اذا ما تجاوزنا كل هذه الساسات الكارثية، الا اننا سنكون مضطرين للتوقف امام سياسة “العناد الاخرق والغبي” للسعودية من الحرب المفروضة علي سوريا، والذي يهدد استمراره امن واستقرار كل منطقة الشرق الاوسط.

المعروف ان في العام 2011، عندما بدات المؤامرة الكبرى، ضد سوريا، بسبب موقفها من “اسرائيل” وعضويتها في محور المقاومة وتصديها للمشروع الامريكي الصهيوني العربي الرجعي، كان الخطاب الرسمي ل“اصدقاء سوريا” ومن بينهم امريكا وفرنسا وبريطانيا وتركيا وقطر والسعودية ومن ورائهم “اسرائيل“، ان لا مستقبل للرئيس السوري بشار الاسد، وكانوا يضعون مواعيد لسقوطه، كانت تتراوح بين اسابيع واشهر، بعد ان نصبوا انفسهم اولياء على الشعب السوري، وانصار للديمقراطية والحرية والكرامة الانسانية!!، الا ان هذه المجموعة من “اصدقاء سوريا”، بعد مرور خمسة اعوام على حربهم الظالمة على سوريا وتجنيدهم كل شذاذ الافاق من التكفيريين والمجرمين، انقلب خطابها 180 درجة، حيث بدانها ومنذ فترة، نسمع حديثا عن ضرورة محاربة الارهاب “الداعشي” و “القاعدي”، والتوصل الى صيغة سياسية لانهاء الازمة في سوريا حتى مع بقاء الاسد.

الوحيد من بين “اصدقاء سوريا ” الذي مازال يجتر ذات الخطاب العقيم، هو السعودية، التي مازالت تؤكد على ان لامكان للاسد في مستقبل سوريا، واصبحت كمن يغرد خارج السرب، بل ان العناد “البدوي الاجوف” دفع السعودية الى ان تهدد باسقاط الاسد حتى بالقوة العسكرية، لا من قبل مرتزقتها من “داعش” و “النصرة”، بل بتدخلها العسكري المباشر كما فعلت في اليمن، واصبح هذا الموقف اكثر عناد لاسيما بعد التدخل الروسي القوي في الازمة السورية، بطلب من الحكومة السورية، حيث كرر وزير خارجية السعودية موقف بلاده، وهو في موسكو وعند مضيفيه الروس.

تداعيات الحرب المفروضة على سوريا، على المنطقة والعالم، جعل جميع الدول تفكر وبجدية بوقف هذه الحرب، حفاظا على السلام والاستقرار الاقليمي والدولي، الا ان مثل هذا الشعور بالمسؤولية ازاء المنطقة وشعوبها، لا يوجد له اي صدى في السعودية، التي ربطت مستقبلها ومستقبل المنطقة، بمصير الرئيس السوري بشار الاسد، في عناد وحقد لا يمكن تفسريهما الا بالتعصب البدوي.

الملفت ان العديد من المراقبين، يقفون حيارى من موقف السعودي من سوريا الرافض لكل الوسائل السياسية، والمعادي لكل الحلول التي يمكن ان تحفظ للمنطقة امنها واستقرارها، وحتى انها تضغط على من اختلقتهم من معارضة سوريا، لمنعهم من الجلوس مع ممثلي الحكومة السورية، خوفا من ان يضفي ذلك بعض “الشرعية” على الحكومة السورية حسب اعتقادها، بل انها تشن هجوما ظالما وكاسحا عبر امبرطورياتها الاعلامية، ضد كل الحكومات التي اعادت النظر في مواقفها من سوريا كما هو حال تونس وبعض الدول الخليجية، وكأن هذه الدول ارتكبت كبيرة من الكبائر.

الذي يجعل هؤلاء المراقبين اكثر حيرة، هو الموقف السعودي “الاستجدائي” و “الذليل” من “اسرائيل”، عدوة العرب والمسلمين والمغتصبة لاقدس مقدساتهم، والتي تمعن يوميا قتلا وتنكيلا بالشعب الفلسطيني، وتعمل على اقتلاعه من ارضه، وتسرع الخطى لتهويد القدس، وتحاصر نحو مليوني انسان في غزة ومنذ اعوام طويلة، حيث لا يمر يوم الا وتنقل لنا وكالات الانباء في العالم لقاءات وتصريحات من مسؤولين سعوديين كبار، يؤكدون على ضرورة عقد معاهدة سلام مع “اسرائيل” وتسوية كل “المشاكل” معها للتفرغ ل“العدو المشترك” للسعودية و “اسرائيل”، وهذا العدو ليس الا الجمهورية الاسلامية في ايران، بينما لا نجد اي اذان صاغية من قبل “اسرائيل” لكل هذا الاستجداء السعودي الذليل، فنراها ماضية في “احتقار” الحكومات العربية وعلى راسها السعودية وقطر.

هنا يطرح هذا السؤال نفسه وبقوة لدى المواطن العربي، وهو : لماذا ترفض السعودية الجلوس مع ممثلي حكومة عربية تختلف معها في قضايا سياسية عادية، وتدفع بالمنطقة الى الخراب والدمار بسبب ذلك، بينما تتلمس كل الاعذار لجرائم الصهيونية، وتستجدي السلام مع هذا العدو الشرس المتربص بامن واستقرار وخيرات وثروات الشعوب العربية، وينتهك اقدس مقدساتها؟، ارى ان من حق هذا المواطن، ان يشكك بعروبة واسلامية ال سعود، بعد ان اخذ يرى بام عينه كيف يعمل النظام السعودي كفكي كماشة مع الكيان الصهيوني، لاقتلاع العرب والمسلمين من ديارهم عبر الفتن والحروب والفوضى والدمار، والا بماذا يُفسير الموقف السعودي الفاضح والمكشوف من سوريا و “اسرائيل“؟.

*سامح مظهر/ شفقنا

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com