سقوط مدينة الربوعة هل يكون جحر الدومينو الأول في مسلسل انهيار النظام السعودي ؟
219
Share
تحليل / محمد الوريث
تدخل معركة كسر قرن الشيطان وردع العدوان الأمريكي الصهيوني السعودي مرحلة جديدة بالكامل ، ودشن الجيش واللجان الشعبية هذه المرحلة الحبلى بالمفاجئات إيذان ببدء الخيارات الإستراتيجية بشكل عملي ومصداقاً لتصريحات الأستاذ صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأخيرة بالسيطرة على أولى المدن السعودية وهي مدينة الربوعة التابعة لمحافظة عسير جنوب المملكة العربية السعودية،وقد نشر الإعلام الحربي ثلاثة مقاطع فيديو لعمليات الاقتحام والاشتباك داخل المدينة السعودية وأظهرت هذه المقاطع التي نشرتها قناة المسيرة بوضوح أن إرادة وشجاعة المقاتل اليمني بإمكانها قهر كل إمكانات العدو العسكرية وقلب كل المعادلات بطريقة درامية لم يتوقعها نظام آل سعود نفسه .
وقد يعتقد المتابع للفيديو من داخل منزلة امام شاشة التلفاز بأن هذه العملية العسكرية امر طبيعي ووارد في العلوم العسكرية وهو ما يجافي الحقيقية كلياً ، حيث تعتبر معركة الربوعة نقلة نوعية في الاستراتيجيات العسكرية على مستوى العالم وحدث ضخم قد يكون لها تبعات كبيرة ومؤثرة في ما يتعلق بالعدوان على اليمن وسير المعركة الشاملة والنظام السعودي والمنطقة بشكل عام .
الأبعاد العسكرية للسيطرة على مدينة الربوعة
لم يعرف العالم قبل يومنا هذا أن تقتحم ” مجموعة” من الأفراد لا يتجاوز عددها العشرات مدينة بأكملها في وضح النهار بأسلحتهم الرشاشة المتواضعة لمواجهة واحد من أكثر الجيوش تسليحاً في المنطقة حيث أنفقت السعودية منذ بداية عدوانها على اليمن ما يقارب الـ 70 مليار دولار في صفقات شراء أسلحة متطورة من أمريكا وبريطانيا وفرنسا ، ولعل كل امكانات الجيش اليمني واللجان الشعبية في معركة الربوعة لا يبلغ مجموع أسعارها قيمة مدرعة واحدة أو دبابة سعودية كانت ترابط في المدينة ، كما يمتلك جيش العدو السعودي أفضلية التسليح النوعي والمتطور فهو ايضاً صاحب أفضلية “غطاء الجو” حيث تتوفر له احدث الطائرات العسكرية في العالم مع دعم لوجستي واستخباراتي عالمي تقدمة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني ، وتنتشر الاقمار الصناعية التجسسية بكثافة فوق مناطق المواجهات في العمق السعودي لرصد أي تحرك كما تنتشر كاميرات المراقبة وطائرات الاستطلاع وطائرات الأباتشي المتفوقة في مثل هذا النوع من المعارك .
كما يمتلك النظام السعودي مؤخرة عسكرية في مواقع الاشتباك في الربوعة وتنتشر المواقع العسكرية السعودية بشكل لافت في الفترة الأخيره بالذات في محافظات الجنوب السعودي ” جيزان ، نجران وعسير” وهو ما يوفر لهم التغطية النارية والعمق الاستراتيجي وكل هذه المميزات السابقة لا تتوفر لرجال الجيش اليمني واللجان الشعبية .
ويقاتل اليمني في الربوعة بأيمانه الكامل بعدالة قضيته من منطلق مسؤوليته وبكامل شجاعته وثقته المطلقة بنصر الله الحق للمظلومين والمستضعفين ،حيث ان الموازين العسكرية تقول بأن اليمنيين أقل عدداً وعدة في الربوعة ولا يمتلكون الدبابات والمدرعات وانما أسلحتهم الرشاشة ودعم وإسناد القوة الصاروخية بالجيش واللجان الشعبية ،ولا تتوفر لهم ميزة الغطاء الجوي أو العمق العسكري في عسير كما ان الطيران السعودي يمثل عقبة كبيرة امام تنقل افراد الجيش واللجان الشعبية واستخدامهم لأي وسائل النقل التي يمكن رصدها .
ولهذا فقد طور العقل اليمني المبدع نظاماً عسكرياً مكنهم من تجاوز عقبة الطيران والاقمار الصناعية التجسسية للتوغل في عمق الاراضي السعودية ،وبتكتيك عسكري مدروع يعتمد على شجاعة المقاتل على كبر تعداده او ضخامة أسلحته تمكن ابطال الجيش واللجان الشعبية من حسم معركة الربوعة والسيطرة عليها وولى جيش آل سعود الأدبار كما هي عادته .
الابعاد الإستراتيجية والجوسياسية للسيطرة على الربوعة
قد يعتقد البعض بأن الربوعة ليست إلا مدينة صغيرة في اطراف مملكة مترامية الأطراف والسيطرة عليها لا تغير الكثير في معادلة القوة وقلب الموازين ،ولكن في مثل الحالة اليمنية السعودية اسقاط مدينة واحدة في جنوب السعودية يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على رأس النظام ، حيث يمثل خسارة موجعة لنظام أمني يفرض سلطته بالقمع وإرهاب الناس ويهشم هيبة النظام الهش بشكل قاتل قد تنتقل تداعياته إلى أطراف اخرى من البلاد ، كما يمثل هزيمة مدوية لجيش يمتلك احدث المعدات والدعم الاقليمي والعالمي تنعكس جذرياً على معنويات افراد الجيش السعودي الذي لوحظ فرار بعض عناصره من على متن عرباتهم المصفحة أثناء المعركة – كما اظهر الفيديو-هرباً من مواجهة المقاتل اليمني ،وتنتشر هذه الحالة النفسية بين عناصر الجيش السعودي كما النار في الهشيم لتنتهي بفرار جماعي لجيش العدو من مواقعه دون مواجهة خاصة في ظل سياسة الغطرسة والتعتيم الذي يمارسها النظام السعودي ضارباً بمصداقية ومعنويات مؤسسته العسكرية عرض الحائط .
وإسقاط مدينة بالكامل والسيطرة عليها يفتح المجال امام عمليات مشابهة في اماكن أخرى لها نفس الظروف ، فمدينة الخوبة التابعة لمحافظة جيزان تبدو اليوم لقمة سائغة امام اليمنيين بعد ان اثبت جيشهم البطل ولجانهم الشعبية أمكانية السيطرة على مدن رئيسية ومؤثرة وان تكثيف مثل هذا النوع من العمليات ليس إلا قرار سياسي لا عسكري ، ويخلق هذا حالة واسعة من السخط من الاوساط الشعبية في تلك المحافظات الذي بات سكانها ينظرون إلى الجيش السعودي كعالة طفيلية بلا جدوى ولا قدرة لها إلا على الفرار وترك عتادها العسكري الثقيل ورائها . وتزايد السخط السعودي في محافظات الجنوب في ظل ازمة اقتصادية خانقة يعاني منها النظام بتدهور اسعار النفط والانفاق المهول في عدوانه على اليمن وتنامي الصراع بين أجنحة آل سعود قد يتفجر في أي لحظة ثورة شعبية عارمة أو انقلاب مسلح يقوده احد أبناء عبدالعزيز آل سعود او احفادة الرافض لرعونة سلمان ونجله المراهق .
وقد يضطر النظام السعودي لحشد قواته العسكرية إلى المحافظات الجنوبية لتدارك ما يمكن تداركه قبل انزلاق الأمور الى فقدان محافظات كاملة ، وهو الأمر الذي قد يحرض جهات او جماعات اخرى في الشمال أو الشرق السعودي للتمرد والانشقاق خاصة في ظل ارتفاع توتر العداوة بين النظام السعودي وجميع جيرانه في محيطة الأقليمي .
وإذ تبدو مدينة الربوعة الجميلة نقطة صغيرة في خارطة النفوذ والسلطة لمنطقة متشعبة الصراعات والظروف ، إلا انها قد تكون حجر الدومينو الأول لإسقاط منظومة المال والتكفير الأكبر في المنطقة لتفتح الربوعة الباب على مصراعية أمام تغيير كبير وعميق في شكل وتركيب المنطقة العربية والشرق الأوسط اجمع خاصة في ظل تحذيرات متكررة تحدثت عنها وسائل إعلام امريكية وبريطانية مرموقة من انهيار متوقع لنظام آل سعود .