أفق نيوز
الخبر بلا حدود

مولد النور

171

د. محمد النظاري

ليس في هذا الكون من شيء أكثر قدراً من الاحتفال به، من مولد النور الإلهي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، الذي تجلى للبشرية في ليلة 12 من ربيع الأول، فحولها من ظلمة لنور، ومن جهل لعلم ومن ظلم لعدل، ومن عبودية البشر إلى رب البشر.

القرار الذي تم إصداره باعتماد المولد النبوي الشريف إجازة رسمية، قرار عرى كل الحكومات السابقة، كونها تفننت في إيجاد عطل لأعياد ما أنزل الله بها من سلطان، فيما سيد البشر ومغير مجرى التاريخ وخاتم النبيين والمرسلين لا يعدون مجيئه للدنيا أكبر خير وأعم فرحة، ولأنها كذلك وجب الاحتفال به، ووجب تعطيل العمل فيه لإظهار الفرحة وأنه غير سائر الأيام..

من المصادفات أن الاحتفال بمولد سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه يصادف نفس الأسبوع الذي يحتفل فيه النصارى بميلاد سيدنا عيسى عليه السلام، ومن العيب كل العيب، أن كثيراً منا لا يعلمون بمولد نبينا محمد، فيما يتفننون في إرسال التهاني والتبريكات بميلاد سيدنا المسيح، تقليداً لغير المسلمين.

كم من الشباب والفتيات ومعهم بقية الفئات العمرية وبينهم الرياضيين، يعملون قدسية لما يسمونه بيوم الكرسمس، رأس السنة الميلادية، وتراهم يعدون العدة بالمال والوقت والغالي والنفيس لتقليد الفرحة به، فيما يجهلون كل الجهل بيوم ميلاد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، وفيهم من لا يعرف أننا قد ولجنا شهر ربيع الأنور من السبت الماضي، وأن الأربعاء القادم هو المولد النبوي الشريف.

على الأسر اليمنية تربية أولادهم على معرفة الشهور الهجرية، لأن أعيادنا الدينية مرتبطة بها، وتعليمهم أن هناك يوماً غير الله به العالم، وأن فيه جاء خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن الاحتفال به مظهر من مظاهر الشكر لله عز وجل على هذه النعمة الكبيرة .
إن قمة الاحتفال به صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، تتمثل في الاقتداء به والامتثال لأوامره التي هي أوامر المولى سبحانه وتعالى، ومنها نشر العدل والمساواة، وتحريم الاقتتال والاحتراب وتجريم الاحتكار ومن مظاهرها السوق السوداء.

ليس الاحتفال به صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، مقتصراً على رفع الرايات الخضراء وتعليق الزينة، بل الاحتفال به أبلغ قيمة من ذلك، ومنها أن نري غير المسلمين، أن الرسول الأعظم جاء لنشر السلام والمحبة والوئام ، وأن من يقتلون النفس المحرمة مسلمة كانت أو غير مسلمة بحز الرؤوس وتفجير المباني والمساجد والكنائس ، بعيدون كل البعد عن تعاليمه السمحة، بل أن غضبه عليهم كبير كونهم حرفوا الدين حسب هواهم.

إن الشباب المسلم الذي يحافظ على إحياء شعائره الدينية، إنما ينقل صورة حسنة عن الالتزام والتقيد بكل جميل وحسن، أما الانكفاء على تقليد كل ما هو غربي، لمجرد التقليد، وقد تكون المناسبات المقلدة عبارة عن آلهة تعبد من دون الله، غرسها الغرب في نفوس شبابنا لإبعادهم عن الطريق السوي والمنهج القويم.

إن السيرة النبوية عطرة وحافلة بالقيم النبيلة، وهنا نحيي دار الخير للدراسات الإسلامية وتحفيظ القرآن الكريم ممثلة بعميدها الحبيب سالم الجنيدي، على إقامة الاحتفال السنوي بالحديدة مساء الأربعاء القادم، وحضور عدد كبير من الشباب الذين هم في أمس الحاجة لسماع السيرة النبوية وتطبيقها على أرض الواقع، وكذلك كل الفعاليات المشابهة التي تقام في مختلف المحافظات.

نبارك لأنفسنا ولكم ولكل اليمنيين حلول هذه المناسبة العظيمة، سائلين المولى عز وجل أن يمن فيها على بلادنا بالأمن والأمان وانتهاء العدوان والاقتتال والاحتراب، وأن يهيئ لنا من أمرنا رشداً، نستنير به على رؤية الحق لنتبعه ورؤية الباطل لنجتنبه..اللهم ونحن نحتفل بسيد البشر، حقق فينا نبوءته بالحكمة اليمانية..آمين اللهم آمين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com