أفق نيوز
الخبر بلا حدود

“الجولانيون الجدد” حراس الصهيونية.. من دواعش سوريا إلى عفافيش اليمن

75

إبراهيم محمد الهمداني

يحاول هذا المصطلح “الجولانيون الجدد”، تأصيل وتوثيق أكبر ظاهرة انقلاب خياني علني، على مجمل الثوابت الإيمانية والقيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية، التي طالما ارتدى قناعها ونادى بحمايتها الجميع، لكن غزة أسقطت تلك الأقنعة، وكشفت الحقائق، وأسفرت عن أكبر عملية ارتداد إيماني، وأقبح ظاهرة انقلاب قيمي، وأقذر حالة انحدار مجتمعي حضاري، ربما في تاريخ البشرية أجمع، على مستوى الأفراد والجماعات والطوائف والأحزاب والتنظيمات السياسية، وصولا إلى معظم الأنظمة الحاكمة، ويعد أنموذج الإرهابي (أبو محمد الجولاني)، زعيم جماعة النصرة الإرهابية الداعشية، هو أوضح تلك النماذج الخيانية، وأسبقها افتضاحاً وجرأة على تجسيد صورة الارتداد الديني والقيمي، المعلن على الملأ دون مواربة أو حياء، ودون أدنى مراعاة لصورته وصورة جماعته (الجهادية)، في مجتمعة وحاضنته الشعبية أولاً، ومحيطه العربي الإسلامي ثانياً، وقد أصبح ممثلا لسوريا الجديدة، على رأس هرمها السلطوي، وجماعته «الإرهابية الداعشية»، تؤدي دور الحكومة، وتدعي حماية النظام والقانون.

إن التحول في فكر الجماعة، عن مبدأ الجهاد في سبيل الله (وتحرير فلسطين بعد سوريا)، إلى مبدأ مايسمى «الحياد»،ثم إعلان الرغبة في التطبيع، ثم تبني حماية وتنفيذ المشروع الإسرائيلي الإجرامي في منطقتنا، يختلف تماما مع طروحات الفكر السلفي الأصولي التكفيري «لجماعة النصرة»، وذلك الفكر بطبيعته بحاجة إلى عشرات السنين من المراجعة والتعديل، لكي ينتقل من مرحلة التشدد إلى مرحلة الاعتدال، ثم أضعاف ذلك الزمن، لتنسلخ عن ثوابتها الإيمانية، وتتحول إلى العلمانية الأردوغانية، ورغم تظاهر (الجولاني/ الشرع) بمقدرته الخارقة، على أحداث  التحول الفكري، بما لايتجاوز من الزمن، ما يلزم من الوقت لتغيير اسمه وملابسه، وتلك هي قمة السخافة والحمق والغباء، وذروة الاستخفاف الإعلامي بالجماهير، حين يروج لصورة الشرع (الرئيس القائد)، منسلخا عن صورة الجولاني (الإرهابي التكفيري)، وتلك الظاهرة في مجموع مواقفها، تعكس عمق الدور الوظيفي الخياني، الذي مارسته سابقا، وجسدته حاليا، بما لا يتجاوز كونها جماعة وظيفية، تخدم مشاريع الكيان الصهيوني، وتدين له بالولاء المطلق، وتحفظ له جميل عطفه عليها سلفا.

على ذات الوتيرة والمسار، سقطت جماعات وأحزاب وأنظمة، وأصبح «الجولاني الجديد» ظاهرة مشهورة على مسرح الأحداث والعلاقات السياسية، وانضم إليه إخوانه «الجولانيون الجدد» على ذات النهج الحدخياني والارتداد الإيماني، وأصبحت مصر العروبة والقومية، مصر العمالة والتبعية للصهيونية، وتحول «إخوانها المسلمون» إلى أعداء غزة الناقمون، وأزهرها الشريف، إلى وكر الانحطاط الوضيع، وانقلبت تركيا الإسلامية نصيرة غزة، ووريثة مجد حلم العالم الإسلامي، إلى تركيا الماسونية الصهيونية، حامية إسرائيل وداعمة مشروعها الإجرامي، ومن قيل إنه “خادم الحرمين الشريفين”، اتضح إنه «خادم الصنمين» أمريكا وإسرائيل، ناهيك عمن يليه من صهاينة العرب، وأما في اليمن فقد طلب “إخوان حزب الإصلاح” من الله تعالى، أن ينزل عليهم آية من السماء، تأمرهم بالجهاد في فلسطين أو نصرة أهل غزة، وأفتى أكابر مجرموهم – الذين اشتروا بآيات الله ثمنا قليلاً – بوجوب جهاد إخوانهم اليمنيين المساندين لغزة، وتحرير اليمن من احتلال وهمي، وأسقطوا فريضة جهاد عدو الله وعدوهم «اليهود والنصارى»، وتنصلوا عن تحرير المقدسات، وقضية المسلمين الأولي، بناء على رغبة أسيادهم من (من آل سعود)، الذين يخدمون أمريكا وإسرائيل علناً، وبذات الكيفية أعلن مرتزقة الإمارات “العفافيش” في الساحل الغربي، رغبتهم الأكيدة في إفشال مشروع الإسناد العسكري اليمني، وكسر حظر مرور السفن الإسرائيلية ومن يليها، حيث أكد زعيم تلك الجماعة الوظيفية «طارق عفاش»، استعداده وجماعته لشن حرب على القوات المسلحة اليمنية، وتأمين ما أسماه الملاحة الدولية، في تماهٍ واضح وفاضح مع العدوان الإسرائيلي الأمريكي على اليمن لذات الهدف، وبعد هزيمتهم النكراء، أعلنوا – بدورهم – إشادتهم بتصريحات من اسموه (الصهيوني الصغير)، طارق عفاش، وتعاطيه الإيجابي معهم، مؤكدين بأنه وأمثاله من الجماعات الوظيفية «العفافيش والدواعش»، سيكونون عماد الخطة البديلة، أو الخطة «ب»، وبذلك تحول من سموا انفسهم «حراس الجمهورية» الى حراس الصهيونية»، وأصبح “الجولانيون الجدد”، ظاهرة واسعة الانتشار، تضم في طياتها الجماعات والأحزاب والأنظمة، ذات الدور الوظيفي الخياني المعلن الفاضح، لدعم وإسناد وحماية الكيان الصهيوني، ضمن مفردات الخطة «ب» من دواعش وعفافيش اليمن، إلى النظام السعودي، ومن يليه من أنظمة التطبيع والخيانة، في ممالك الخليج العربي، إلى جولاني سوريا، وجولاني لبنان وصديقه جوزيف عون، إلى جولاني فلسطين (محمود عباس) وجولاني غزة (أبو شباب)، إلى (جولاني مصر) نظام السيسي

العميل، شريك الإبادة في غزة، وداعم إسرائيل عسكرياً واقتصادياً وغذائياً، إلى أردوغان “مردخاي” تركيا، الذي تفانى في دعم وإسناد الكيان الإسرائيلي، وكسر الحصار الاقتصادي عنه بكل الوسائل والسبل، وهكذا أصبح الجولاني أيقونة الخيانة العلنية، وأصبح “الجولانيون الجدد” حراساً للصهيونية، وخداماً لمشاريعها الإجرامية في المنطقة، وشركاء فعليين في إبادة وقتل وتدمير ومحو، حياة أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة، وهكذا أرادتهم أمريكا وطلبت منهم إسرائيل، أن يكونوا عملاء وخونة، بتلك الصورة المكشوفة الواضحة، وأن يعلنوا تبعيتهم وخضوعهم وارتهانهم لأسيادهم الصهاينة على الملأ، وأن يكونوا هم حملة المشروع الصهيوني الاستكباري، وقادة معاركة ووقود حروبه في المنطقة، بهدف إخضاع شعوب المنطقة كاملة، وتسليمها لحكم الكيان الإسرائيلي اللقيط، على طبق من ذهب، على طريقة نموذجهم وقدوتهم الأول (جولاني سوريا)، الذي أباحها وهيأها للاحتلال الإسرائيلي، الذي وصل مشارف دمشق، بينما الجولاني وجماعته مشغولون بمجازر الإبادة في الساحل السوري، وسحب السلاح من جميع المواطنين، وخوض الصراعات ضد الروز، بتوجيه أمريكي إسرائيلي، بهدف تنويع الذرائع لدخول اسرائيل، وتمكينها من البلاد، وستكون وجهته الجديدة هي لبنان، حيث قد بدأ نظيره «نواف سلام» بالتمهيد والتهيئة للمشروع الإسرائيلي، من خلال قرار حكومته سحب سلاح المقاومة اللبنانية «حزب الله»، رغم عجز الجيش اللبناني عن الدفاع عن نفسه، ناهيك عن الدفاع عن سيادة واستقلال شعب لبنان.

إن التهويل والإرجاف، الذي تقوم أبواق التطبيع والخيانة، من قنوات الإعلام العربي العبرية، لا يعدو كونه محاولات بائسة لتخويف الناس، ودفعهم للاستسلام المسبق، لتلك الجماعات الوظيفية “الجولانيون الجدد”، أملا في تمكين حراس الصهيونية، بلوغ مالم يبلغه أسيادهم، وخلاصة الأمر أن مشروعهم مهزوم مسبقاً، وساقط منهار في كل الاتجاهات، ولن يكون أمامهم سوى محرقتهم الأخيرة وزوالهم المحتوم، ولن تكون قوة عملاء أصحاب السبت، أكثر فاعلية من قوة من لعنوا فيه، كما أن “زمزمية” الصهيوني الصغير، لن تنتصر حيث هزمت “حاملات” سيدة الصهيوني الكبير “ترامب”، (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).