المولد النبوي في اليمن.. هوية إيمانية تعانق ثورة 21 سبتمبر وتخاطب الأمة والعالم
أفق نيوز|
تقرير|
المولد النبوي الشريف ليس مجرد ذكرى تاريخية يحتفي بها المسلمون كل عام، بل هو محطة متجددة للتزود من النور المحمدي، وتجديد العهد مع النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، والتمسك بنهجه المبارك في مواجهة التحديات والمحن.. وفي اليمن، حيث وبرغم العدوان والحصار، يكتسب الاحتفاء بالمولد بعدًا استثنائيًا، فهو إعلان انتصار للروح الإيمانية على آلة الحرب، وتجسيد حي لعظمة الهوية القرآنية التي أحيتها ثورة 21 سبتمبر المباركة.
ثورة 21 سبتمبر.. إحياء الهوية المحمدية
لقد شكّلت ثورة 21 سبتمبر منعطفًا تاريخيًا في حياة اليمنيين، ليس فقط على المستوى السياسي والسيادي، بل أيضًا على المستوى الروحي والثقافي.. فالثورة، بقيادة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، أعادت الاعتبار لمناسباتنا الدينية الكبرى، وعلى رأسها المولد النبوي الشريف.. وبفضل هذه الثورة المباركة، لم يعد المولد في اليمن مجرد احتفال شعبي تقليدي، بل تحوّل إلى موسم إيماني تعبوي، تُستحضر فيه السيرة النبوية، وتُستنهض فيه الهمم، ويُجدد فيه العهد بالتصدي لقوى الاستكبار والطغيان.
ولعلّ أبرز ما يميز هذه الثورة أنها بعثت في النفوس عظمة الانتماء لرسول الله، فأحيت شعار “الهوية الإيمانية” كعنوان جامع للهوية اليمنية الأصيلة التي ارتبطت برسول الله منذ أول يوم دخل فيه الإسلام اليمن.
المولد في زمن العدوان والحصار
يحتفل اليمنيون بذكرى المولد النبوي الشريف في ظروف قاسية بسبب العدوان والحصار، ومع ذلك، تتحول ساحات الاحتفال كل عام إلى لوحات بشرية هادرة بالملايين، في مشهد يتحدى العدو قبل أن يبهج الصديق.
إن هذه الحشود المليونية، التي تملأ الساحات في صنعاء وصعدة والحديدة وذمار وإب وغيرها من المحافظات، تحمل رسالة واضحة: لن تستطيعوا تجويعنا أو إرهابنا عن الاحتفاء بمولد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولن تنجحوا في طمس هويتنا أو فصلنا عن قائدنا وقدوتنا.
فالمولد هنا لم يعد مناسبة للفرح الروحي فحسب، بل أصبح أيضًا موسمًا للمقاومة والصمود، ومؤشرًا على أن الشعب اليمني ما زال قويًا في عزيمته، ثابتًا في مواقفه، مهما كانت التحديات.
دروس من السيرة ونهج للحاضر
إن الاحتفاء بالمولد النبوي في اليمن ليس شكليًا، بل هو عودة واعية إلى سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم واستلهام لدروسه في الواقع العملي.
- في الصبر والثبات: يتذكر اليمنيون صبر النبي على الأذى والمحن في مكة، ليجدوا فيه قدوة في صمودهم أمام الحصار والعدوان.
- في الجهاد والتحرير: يستلهمون بدرًا وأحدًا والأحزاب، ليواصلوا معركتهم في مواجهة العدوان الأمريكي والصهيوني، ومقارعة قوى الاستكبار.
- في الأخلاق والرحمة: يسعون لتجسيد المودة والرحمة والتكافل فيما بينهم، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
وبهذا يصبح المولد النبوي في اليمن مدرسة عملية متجددة، تربط بين التاريخ الإسلامي المجيد وواقع الأمة المعاصر.
خطابات القائد.. المولد منبر للموقف
لا يكتمل الحديث عن المولد النبوي في اليمن دون التوقف عند خطابات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذي جعل من هذه المناسبة منبرًا لتجديد الولاء لرسول الله، وتوضيح معالم الهوية الإيمانية، وربطها بقضايا الأمة الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ففي كل خطاب للمولد، يؤكد القائد على أن محبة رسول الله لا تنفصل عن نصرة المستضعفين في فلسطين وكل بلدان العالم، وأن الولاء للنبي هو ولاء عملي يترجم في مواقف سياسية وعسكرية وإعلامية ضد قوى الاستكبار.. وهكذا، يتحول خطاب المولد إلى برنامج عمل متجدد للأمة بأسرها.
المولد ورسالة اليمن إلى الأمة والعالم
من قلب صنعاء وصعدة والحديدة، وكل المحافظات الحرة، يوجّه اليمنيون في ذكرى المولد النبوي رسالة كبرى:
- إلى الأمة العربية والإسلامية: عودوا إلى نبيكم، ففيه وحده خلاصكم ووحدتكم وعزتكم.
- إلى محور المقاومة: نحن ثابتون معكم، ومعركتنا واحدة ضد العدو الصهيوني والأمريكي.
- إلى الشعب الفلسطيني: نحن معكم، مستمرون في إسنادكم ونصرتكم مهما كانت التضحيات ومهما عظمت التداعيات.
- إلى العالم: اليمنيون يواجهون الحصار والعدوان، لكنهم لا يتخلون عن مبادئهم وقيمهم، ويثبتون أن الشعوب الحرة لا تُهزم.
إن المولد النبوي في اليمن بات حدثًا عالميًا يلفت أنظار المراقبين، لأنه يجمع بين الروحانية والسياسة، بين الفرح بالمولد وبين الموقف المقاوم، وبين الماضي المشرق والحاضر المليء بالوفاء والإيمان والتضحيات.
المولد.. مناسبة للتكافل والعمل الخدمي
لا يقتصر المولد على الحشود والخطابات، بل يتجسد أيضًا في حملات التكافل الاجتماعي، حيث يحرص اليمنيون على إطعام الفقراء، وإقامة الولائم، وتوزيع المساعدات.. وفي هذه الممارسات تتجلى القيم المحمدية في أبهى صورها، ليكون المولد مناسبة عملية لتجسيد الرحمة والكرم.
المولد ثورة متجددة
إن المولد النبوي الشريف في اليمن لم يعد مجرد ذكرى عابرة، بل تحوّل إلى ثورة إيمانية متجددة تعانق ثورة 21 سبتمبر، وتؤكد أن هذا الشعب باقٍ على نهج محمد صلى الله عليه وآله وسلم مهما عظمت التحديات.
إنه تجديد للولاء، وتأكيد على التمسك بالهوية الإيمانية، وإعلان موقف صريح مناصِر لقضايا الأمة، ورسالة تحررية من صنعاء إلى الأمة والعالم: لقد وُلد محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليخرج البشرية من الظلمات إلى النور، وها نحن في اليمن نجدد العهد على أن نسير في خطاه حتى يتحقق الوعد الإلهي بالنصر والتمكين.