المولد النبوي حول العالم.. رسالة إيمانية موحدة ومحبة متجددة
أفق نيوز|
تقرير|
مع حلول ذكرى مولد خير البرية، النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، تتجدد مظاهر الاحتفال في أرجاء العالم الإسلامي، حاملة في طياتها رسائل الإيمان والولاء والوفاء، تختلف الطقوس وتتباين الاحتفالات، لكن هناك رابط واحد يجمع كل الشعوب الإسلامية: حب المصطفى عليه السلام، والتمسك بتعاليمه، والتضامن مع المظلومين في كل مكان.
إن هذا العشق النبوي، الذي يعبر عنه ملايين المسلمين سنويًا، يتجاوز كونه مجرد مناسبة دينية، ليصبح قوة موحدة للأمة، ومصدر إلهام في مواجهة الظلم والاستكبار، كما يتجلى في الاحتفالات العالمية التي تعكس عمق الارتباط الروحي والنفسي للنبي الكريم في قلوب الشعوب.
العراق.. زخم الولاء وروحانية الموالد
في العراق، تتصدر المدن الكبرى مثل النجف وكربلاء وبغداد الاحتفالات بالمولد النبوي، حيث تكتظ المساجد والمزارات بالمصلين والزوار، تنطلق المسيرات الشعبية التي ترفع الرايات الخضراء وتردد الأهازيج والمدائح النبوية، فيما تتزين الشوارع بالأضواء والزينة الملونة، لتجسد صورة عراقية نابضة بالإيمان والولاء للنبي الأعظم.
تتميز الاحتفالات العراقية باندماج الطقوس الدينية مع المشهد الاجتماعي، حيث تقدم العائلات الطعام والحلوى للزوار، ويشارك كبار العلماء والمثقفون والجماهير في حلقات الذكر والابتهالات، لتكون هذه الذكرى مدرسة عملية في الوفاء للنبي والصمود أمام التحديات.
فلسطين.. العدّة رمز الحب والوفاء
تحتفل فلسطين بالمولد النبوي بما يُعرف بـ “العدّة”، تقليد تاريخي يعود إلى زمن القائد صلاح الدين الأيوبي، تتجول الطبول والرايات في شوارع المدن، مع تدفق الجماهير مرددة الابتهالات الدينية، لتجسد حب النبي المرتبط بالنضال والدفاع عن الحقوق.
في نابلس والمدن الكبرى، تنتشر الزينة والعبارات التي تذكر بسيرة المصطفى، فيما يحرص التجار على توزيع الحلوى للناس، لتتواصل روح التضامن والكرم الشعبي، ولتؤكد أن الاحتفال بالمولد في فلسطين هو رسالة وطنية ودينية في آن واحد.
إيران.. المولد بين الروحانية والتقاليد
في إيران، تشهد المدن الكبرى مثل طهران ومشهد وكرمانشاه مراسم احتفالية مميزة، تجمع بين الصلوات الجماعية وحلقات الذكر والدروس الدينية التي تتناول سيرة النبي الكريم، تُضاء المساجد والشوارع بمصابيح ملونة، وتوزع الحلوى على الأطفال والمصلين، لتعكس الولاء العميق للنبي وروحانية المولد النبوي في الثقافة الإيرانية.
تسعى هذه الاحتفالات إلى ترسيخ قيم المحبة والرحمة والوحدة بين المسلمين، مع الحفاظ على الطابع التقليدي والطقوس الشعبية التي توارثتها الأجيال، لتصبح المولد مدرسة للقيم الروحية والاجتماعية.
مصر.. الحلوى والخيم والروح الصوفية
في القاهرة والمدن الكبرى، تتحول الشوارع والمساجد إلى عالم من الألوان والأنوار والبهجة الروحية، تمتزج الروحانية بالفرح الشعبي في مشهد متكامل، حيث تصدح الموشحات الصوفية والأذكار، وتشارك الصوفيون في مسيرات تزين الأحياء.
الحلوى الرمزية مثل “العروسة” و”الحصان” تُوزع على الأطفال والكبار، مع مواكب وولائم تجمع المجتمع كله، ليصبح الاحتفال لوحة فنية وروحانية تعكس عشق المصريين للنبي الكريم وارتباطهم بالتراث الروحي العميق.
تركيا.. اكتظاظ المساجد ومهرجانات الإيمان
في إسطنبول والمدن الكبرى، تُكتظ المساجد بالمصلين بعد صلاة العشاء طوال أسبوع الاحتفال، حيث تُلقى الدروس الدينية وتُقرأ سيرة النبي العطرة، وتزدحم الميادين بالباعة الذين يقدمون الطعام والحلوى الرمزية، ليصبح الاحتفال مشهدًا جماهيريًا نابضًا بالحياة.
تتعزز الروحانية من خلال المسيرات والفعاليات الجماهيرية، لتظهر تركيا لوحة حية للتلاحم الديني والمجتمعي، ويعكس الاحتفال الانتماء الروحي والالتزام القيمي للشعب التركي.
المغرب العربي.. التقاليد الأصيلة والطقوس الشعبية
في تونس والقيروان، الجزائر، والمغرب، تتميز احتفالات المولد بالنكهات المحلية والتقاليد العريقة، حلقات الذكر والمدائح الصوفية تتنقل بين المساجد والميادين، بينما تحرص الأسر على إعداد العصيدة والحلوى التقليدية، لتجتمع العائلات والجيران في أجواء من الفرح والتلاحم الاجتماعي.
في المغرب، تعرف المناسبة باسم “الميلودية”، مع عقد دروس السيرة النبوية بعد صلاة المغرب ومسيرات تقدم خلالها وجبات تقليدية، لتصبح الاحتفالات رمزًا للوحدة الاجتماعية والدينية.
أندونيسيا وماليزيا.. أضخم احتفالات جماهيرية
في أندونيسيا، تتحول المدن الكبرى إلى ساحات ضخمة للاحتفال بالمولد، مع مصابيح وزينة ملونة ومسيرات جماهيرية ضخمة، وحلقات ذكر مستمرة في المساجد والمراكز الثقافية.
في ماليزيا، تمتلئ المساجد والمراكز الإسلامية بالأضواء والزخارف، وتقام الدروس الدينية، ويشارك الأطفال والكبار في الأنشطة التعليمية، ليصبح الاحتفال لوحة متكاملة للتلاحم الديني والثقافي، تعكس حب المسلمين للنبي والتزامهم بتعاليمه.
باكستان والهند.. تقاليد أصيلة وروحانية متجددة
في باكستان والهند، تنتشر المسيرات والمواكب المزينة بالأعلام والأضواء، مع حلقات الذكر والابتهالات والخيم الرمزية لتوزيع الطعام والحلوى.
تعكس هذه الطقوس الروحانية والتضامن الاجتماعي، وتوحيد المسلمين حول ذكرى المصطفى، مع الحفاظ على أصالة التقاليد المحلية وتجديد الالتزام بالقيم الدينية.
الجاليات الإسلامية في الغرب.. الحفاظ على الهوية والدين
الجاليات الإسلامية في أوروبا وأمريكا وآسيا تحرص على إقامة حلقات الذكر والدروس الدينية، مع مهرجانات تربط التعليم الديني بالترفيه الثقافي.
تُوزع المطبوعات والكتب التي توثق سيرة النبي الكريم، لتعزيز الوازع الديني وحب المصطفى في المهجر، وتذكير الشباب بالهوية الدينية في بيئة غير إسلامية، مع الحفاظ على روح الوحدة والمحبة بين المسلمين.
المولد النبوي.. رسالة عالمية واحدة
من بغداد ونابلس وطهران، إلى القاهرة وإسطنبول، ومن المغرب العربي إلى أندونيسيا وماليزيا وباكستان والهند، وصولًا إلى جاليات المسلمين في الغرب، تتحد الأمة الإسلامية في رسالة واحدة: حب النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، التمسك بهديه، نصرة المظلومين، ومواجهة الاستكبار والظلم.
إن الاحتفال العالمي يعكس وحدة الأمة وصلابة شعوبها في مواجهة التحديات المعاصرة، ويؤكد أن ذكرى المولد النبوي الشريف مدرسة حقيقية للإيمان والتلاحم الديني والاجتماعي، وقوة محفزة لمواجهة الظلم والدفاع عن المظلومين في كل بقاع الأرض.