أفق نيوز
الخبر بلا حدود

الموجة الجديدة من الهجمات البحرية اليمنية.. تأديب للصهاينة ورسالة استراتيجية لحلفائهم

97

تحليل
في وقتٍ يسعى فيه كيان العدو الصهيوني إلى فرض أمر واقع على غزة عبر خرائط تقطع أوصالها، وتفاوض مخادع لا يهدف سوى لاستعادة الأسرى، جاءت ضربات القوات المسلحة اليمنية على السفن التجارية الداعمة للاحتلال لتؤكد أن صنعاء لم تخرج يومًا من ساحة المعركة، وأن الحصار المفروض على ممرات البحر الأحمر لا يزال قائمًا كأحد وجوه الرد الاستراتيجي في معركة الأمة.

الرسالة هذه المرة لم تكن مجرد تحذير، بل تجديد عملي لقرار الحظر البحري اليمني، بعد أن تجرأت بعض السفن على خرقه بشكل صريح، ظنًا منها أن تصريحات ترامب أو تفاهمات ما وراء الكواليس مع صنعاء قد وفرت لها غطاءً للحركة، وهو ما ثبت خطؤه القاتل.

الحظر قائم منذ نوفمبر 2023.. ولا استثناءات
منذ نوفمبر 2023، أعلنت صنعاء أن كل السفن المرتبطة بالاحتلال الصهيوني أو الداعمة له بشكل مباشر أو غير مباشر تعتبر هدفًا مشروعًا في البحر الأحمر وباب المندب.

هذا القرار لم يُلغَ ولم يُجمّد، بل خضعت تطبيقاته لاعتبارات تكتيكية ترتبط بالمسار السياسي والميداني في غزة، إذ ربطت صنعاء تجميد استهداف السفن مؤقتًا بسريان وقف إطلاق النار الحقيقي في غزة.

لكن ما إن عاد العدو الصهيوني لارتكاب المجازر في القطاع، بعد أن أُعطي الضوء الأخضر من إدارة ترامب، حتى عاد الحظر البحري اليمني ليدخل مرحلة التنفيذ النشط، في وجه كل من يتجاوز خطوطه الحمراء.

تصريحات ترامب ليست ترخيصًا للعبور
خطأ السفن التجارية الغربية لم يكن مجرد خرق ميداني، بل كان سوء تقدير سياسي وعسكري قاتل، فبعد تصريحات ترامب التي زعم فيها أن “الحوثيين لن يهاجموا السفن”، اعتقدت بعض الشركات الغربية أن الطريق أصبح آمنًا، وأن تفاهمًا بين صنعاء وواشنطن سمح بإعادة فتح الممرات البحرية.

لكن الواقع، كما تؤكد العمليات الأخيرة، أن صنعاء لم توقّع على أي تنازل، ولم تصدر أي قرار رسمي برفع الحظر. وبالتالي، فإن أي سفينة تمرّ عبر المياه اليمنية لدعم اقتصاد العدو الصهيوني تفعل ذلك على مسؤوليتها، وتتحمل كامل التبعات.

تصريحات ترامب ليست أكثر من فقاعات سياسية دعائية لخداع الرأي العام الأمريكي، وإيهام الأسواق بالأمن الزائف، وهي لم تُلزم صنعاء بشيء، بل على العكس، منحت القوات المسلحة اليمنية دافعًا إضافيًا لإثبات أن قرار الحرب والسلم يُصنع في صنعاء، لا في واشنطن.

الهجمات على “ماجيك سيز” و”إترنيتي سي” تطبيق مباشر للحظر
في هذا السياق، جاءت عمليتا استهداف السفن “ماجيك سيز” و”إترنيتي سي” كتطبيق مباشر لقرار الحظر، بعد أن ثبت بالدليل القاطع:

  • أن السفينتين كانتا تخدمان التجارة البحرية مع الكيان الصهيوني.
  • وأنهما حاولتا التمويه على وجهتيهما الحقيقية.
  • وأنهما لم تحترما قواعد المرور اليمني، ولم تستجيبا لتحذيرات وحدات البحرية اليمنية.

ردّ صنعاء كان حاسمًا: تدمير كامل للسفينتين، واحدة عبر زوارق انتحارية وإنزال بحري مباشر، والثانية عبر ضربة مزدوجة بصاروخ باليستي مضاد للسفن وصاروخ كروز، في عملية أظهرت دقة التصويب اليمني واستعداد القوات المسلحة اليمنية لخوض معركة مفتوحة في البحر إذا لزم الأمر.

الحظر لم يكن ضد المدنيين… والسفن فُسّر لها القانون
ما يميز الموقف اليمني هو أنه يُفرّق بوضوح بين المدني والعسكري، وبين التجارة العادية والتجارة الداعمة للعدو.
ولهذا، فإن وحدة العمليات البحرية أرسلت في الحالتين تحذيرات متكررة للسفن، وأكدت بوضوح أنها ستُعامل كل من يخرق الحظر باعتباره شريكًا في العدوان.

بل إن صنعاء ذهبت إلى أبعد من ذلك، حين أنقذت طواقم السفن بعد العملية، وقدمت لهم المساعدة الطبية، وأعلنت أن الاستهداف لا يهدف إلى قتل المدنيين، بل إلى شل آلة الدعم الاقتصادي للصهاينة.

 الرسالة الاستراتيجية لصنعاء… الحظر ليس ورقة ضغط بل موقف ثابت
ما أثبته هذا الرد هو أن الحظر اليمني ليس أداة تفاوض مؤقتة، بل هو موقف مبدئي وأخلاقي واستراتيجي، جزء من معركة الأمة في وجه العدوان الأمريكي الصهيوني.

والحظر ليس قرارًا موسميًا، بل قاعدة اشتباك ثابتة:

“ما دام الدم ينزف في غزة، فالماء سينزف في البحر الأحمر”،
“وما دامت الموانئ الصهيونية تعمل، فلن يكون هناك أمن بحري في مضيق باب المندب”.

 لا خطوط آمنة للسفن الداعمة للعدو… وصنعاء هي من ترسم حدود البحر
الضربات الأخيرة تؤكد مجددًا أن اليمن ليس مفعولًا به في معادلات المنطقة، بل هو طرف فاعل يرسم الخرائط بالقوة، ويمنح الحماية لغزة بالشكل الذي يراه مناسبًا.

كل من خرق قرار الحظر، سواء كان سفيرًا أو قائدًا أو شركة تجارية، بات اليوم في موقع من يطلب النجاة.
وصنعاء لا تفاوض على شرفها ولا على دماء الأطفال في غزة، بل تفاوض فقط من موقع من بيده النار والقرار.

الحظر ما زال ساريًا… وأي محاولة لخرقه ستقابل بالرد المناسب.
فاليمن صاحب السيادة على مياهه، وصاحب القرار على ممراته، وحارس للدم الفلسطيني في وجه تحالف السفن والطغاة.