جرائم ممنهجة بحق الأسرى في سجون العدو الصهيوني: إفناء جسدي ونفسي
أفق نيوز|
تقرير | يحيى الشامي
في سجون العدو الإسرائيلي ومعتقلاته يتعرّضُ الأسيرُ الفلسطيني واقعاً لعملية إفناء جسدي ونفسي، بالمعنى الحرفي للكلمة. شهادات مروّعة عن ممارسات فظيعة واعتداءات وحشية شبه يومية، تمارس بتوجيهٍ رسمي من سلطات العدو العليا، ودون أدنى مراقبة من جهات حقوقية إنسانية فلسطينية أو دولية، يستغفل العدو الجميع فيما يُسمى بالمجتمع الدولي، ويستثمر ضجيج الإبادة والتجويع في غزة، ليمارس حقده بحق الأسرى في غياهب السجون وغياب دولي كامل، بينما يستخدم الاتفاقيات الدولية كأداة للتمويه والمراوغة والخداع بدعم غربي وتغاظٍ عربي.
في سجون العدو الإسرائيلي، تتحول حياة الأسرى الفلسطينيين إلى سلسلة من الانتهاكات المنهجية التي تبدأ من لحظة الاعتقال، حيث يُخضِع جيشُ العدو الأسرى لأساليب تعذيب جسدية ونفسية تُمارس بمنهجية تُشير إلى توجيهات رسمية من أعلى المستويات، شهادات نقلتها قناة “المنار” توثق حالات تعذيب مُروعة باستخدام الكهرباء والضرب المبرح، مع استخدام الكلاب البوليسية في بعض الحالات، وفق ما رواه معتقلون أُفرج عنهم، هذه الممارسات، المصنّفة “جريمة ضد الإنسانية” تشمل اعتداءات جنسية تُمارس بحق الأسرى في مراكز الاعتقال ونقاط التفتيش، وفق تحقيق نشرته الأمم المتحدة في مارس 2025، حيث وصف محامون وخبراء الانتهاكات بأنها منهجية وموجهة ويحظى السجانون بحماية ودعم قادة ومسؤولين في كيان العدو، وليست فردية كما تحاول سلطات العدو تصويرها وتضليل الرأي العام العالمي.
الإهمال الطبي يُعد أحد أبرز أدوات القتل البطيء في سجون العدو، يُحرم الأسرى المرضى من العلاج الضروري حتى في حالات الطوارئ. استشهاد الأسير محيي الدين نجم (60 عامًا) في مستشفى “سوروكا” نتيجة إهمال طبي متعمد يُضاف إلى قائمة طويلة من الضحايا، بحسب تقرير نادي الأسير الفلسطيني الذي أكد أن هذه الجرائم “تُرتكب بعلم وموافقة حكومة العدو”.
وفي التفاصيل الواردة من شهادات الضحايا يُنقل الأسرى المصابون من المستشفيات إلى السجون قبل إتمام علاجهم، كما في حالة الأسير “ورد محمد يوسف دار شريف”، الذي أُصيب بطلق ناري في قدمه وأُجبر على مواجهة الألم دون جلسات العلاج الموعودة أو حتى الحصول على الأدوية المقرّرة، وهي حالات تتكرر مع المئات في ظل رفض سلطات العدو طلبات الزيارة والتفقد المقدمة من أهالي الأسرى، ومن منظمات حقوقية وإنسانية، وغالباً ما يواجه الأسير المُصاب مخاطر الموت أو الإعاقة الدائمة، وتتضمن بيانات لجنة الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني شهادات مروّعة وأرقاماً كبيرة عن هذه الحالات.
في سجن “راكيفيت” بالرملة، الذي يُوصف كـ”خزنة إسمنتية”، يُحتجز الأسرى في زنازين مظلمة دون نور أو تهوية، ويتعرضون لتفتيشات يومية تعسفية تتجاهل إصاباتهم أو أمراضهم، أحد الأسرى قال: “عندما يدخل السجانون، نُجبر على الجلوس في وضعية القرفصاء مع وضع أيدينا خلف الظهر ورؤوسنا نحو الأرض، دون أي حديث أو حركة”، بينما تُراقبهم كاميرات ذكية ترصد كل تفصيل في حياتهم المُحاطة بالجدران الإسمنتية
هذه الظروف، التي تُمثّل عقاباً جماعياً، تُكثّف من المعاناة النفسية، حيث يُمنع الأسرى من التحدث مع بعضهم حتى في الساحة الوحيدة المتوفرة، والتي لا تتجاوز مساحتها غرفة صغيرة محصنة.
الانتهاكات الجنسية، هي الأخرى تؤكّدُ الأمم المتحدة أنها تُمارس بـمنهجية، تشمل التحرش اللفظي والجسدي والعنف الجنسي المُنظّم، بحسب شهادات نقلها محامون عن أسرى تعرضوا لذلك، كما أن خبراء أمميين حذّروا من تزايد حالات الاعتداءات الجنسية المسجلة في السجون، والتي وصفوها بـ”جرائم حرب”، فيما لم تُضف إلى سجل الجرائم الصهيونية في المحافل الدولية رغم تواتر الشهادات وتأكد معظمها من لسان الضحايا، ولم تحظ مطالبات المنظمات الحقوقية بتحقيق دولي فوري لمحاسبة المسؤولين باهتمام المؤسسات والجهات الدولية المعنية.
ورغم هول وفظاعة الاعتداءات الجسدية والنفسية والجنسية التي يمارسها العدو بطرق وأساليب مخلتفة وبشكل يومي ويخفي مصير المئات من أسرى غزة، الا أن هذا السجل الحقوقي وهذه الجريمة الفظيعة المتفاقمة تبقى بعيدة عن مقاربات وتداولات المجتمعات الحقوقية الدولية، ما يُشجع حكومة العدو على مواصلة جرائمها والإيغال في دماء الأسرى الفلسطينيين. نادي الأسير الفلسطيني لا يملك إلا تحميل ما يُسمى المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن مصير آلاف الأسرى ووضعهم الكارثي داخل سجون العدو.